فتاوي السبكي (صفحة 921)

أَنْ يُقْدِمَ فِي شَرِيعَتِهِ عَلَى حُكْمٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ.

وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا هَدَمَهَا هَادِمٌ وَقَدْ قَدَّمْنَا بَعْضَ كَلَامٍ فِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ صِفَةَ التَّأْلِيفِ الَّتِي بِهَا قِوَامُ الْكَنِيسَةِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ كَصِفَةِ الصَّلِيبِ وَالْمِزْمَارِ وَكَذَا يَظْهَرُ لِي فِي ذَوَاتِ الْآلَاتِ فِي الْحَجَرِ وَنَحْوِهِ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْخَمْرَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا لِأَهْلِ الذَّمَّةِ فَلَا يَبْقَى شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ التَّعْذِيرُ، وَهُنَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فَإِنْ كَانَتْ الْكَنِيسَةُ مِمَّا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ قَدْ لَزِمَنَا أَنْ لَا نَهْدِمَهَا فَيَكُونُ قَدْ أَقْدَمَ عَلَى مَا عَلِمَ تَحْرِيمَهُ فَيُعَزَّرُ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقْدَمَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي فَرَضْنَا حَيْثُ لَا نَحْكُمُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ الْمُقْتَضَى فَلَا يُعَزَّرُ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالتَّعْزِيرِ يَسْتَدْعِي تَحَقُّقَ سَبَبِهِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَإِعَادَةُ الَّتِي هَدَمَهَا هَادِمٌ كَإِعَادَةِ الْمُنْهَدِمَةِ بِنَفْسِهَا وَسَنَتَكَلَّمُ فِيهِ.

وَمِمَّا تَعَلَّقَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَوْلُ مَالِكٍ لَا نَسْمَعُ دَعْوَى الْخَسِيسِ عَلَى الشَّرِيفِ، وَقَوْلُهُ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَا يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا لَوْ سَلَّمَ الظُّهُورَ وَلَمْ نُسَلِّمْ الْحُكْمَ، وَنَحْنُ لَا نُسَلِّمُ الظُّهُورَ، وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ اخْتِلَافُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي تَقَابُلِ الْأَصْلَيْنِ أَوْ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ كَعَدِّ الْمَلْفُوفِ وَطِينِ الشَّوَارِعِ وَغَايَةُ هَذَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ أَنْ يَأْتِيَ خِلَافٌ، وَنَحْنُ نُرِيدُ أَمْرًا تَقَدَّمَ بِهِ عَلَى هَدْمِ مَا اسْتَمَرَّتْ الْأَعْصَارُ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَكْتَفِي فِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ.

وَمِمَّا تَعَلَّقَ بِهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَخَرَجَتْ وَادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى اسْتِصْحَابِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ، وَفِي قَوْلِهِ " لَا يَدْخُلُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ، وَفِي قَوْلِهِ لَأَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ خَشَبَةٍ فَضَرَبَهُ بِهَا دَفْعَةً وَشَكَّ فِي وُصُولِهَا وَلَا دَلِيلَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَمِمَّا تَعَلَّقَ بِهِ إذَا وُجِدَتْ جُذُوعٌ فِي حَائِطٍ وَجَهِلَ الْحَالَ فِي وَضْعِهَا قَالَ الْأَصْحَابُ لَا تُزَالُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ، وَقَالَ هُوَ: إنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ صَاحِبُهَا أَنَّ صَاحِبَ الْجِدَارِ أَذِنَ لَهُ فِي وَضْعِهَا بَلْ ادَّعَى اسْتِحْقَاقَ الْوَضْعِ وَجَهْلَ الْحَالِ حَتَّى لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْجِدَارِ أَنْتَ أَذِنْت لِي أَوْ صَالَحْتَنِي عَلَيْهَا، وَقَالَ بَلْ غَصَبْتَنِي، وَقَالَ الرَّاكِبُ بَلْ أَعَرْتَنِي، قَالَ وَالْمُعَانِدُونَ يَزْعُمُونَ أَنَّا صَالَحْنَاهُمْ عَلَى الْكَنَائِسِ الْمَذْكُورَةِ. قُلْت مَا قَالَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجُذُوعِ صَحِيحٌ وَمَسْأَلَةُ الدَّابَّةِ الصَّحِيحُ فِيهَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ وَمَسْأَلَةُ الْكَنَائِسِ هُمْ لَا يَدَّعُونَ مُصَالَحَتَنَا نَحْنُ حَتَّى يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَنَا بَلْ إنْ سُلِّمَ لَهُمْ يَدٌ فَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى دَعْوَى بَلْ يَكْفِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015