فتاوي السبكي (صفحة 914)

مَا حَوْلَهَا دَيْرًا وَلَا قِلَّايَةً وَلَا صَوْمَعَةَ رَاهِبٍ وَلَا نُجَدِّدَ مَا خَرِبَ مِنْ كَنَائِسِنَا. وَذَكَرَ مِثْلَ تِلْكَ الشُّرُوطِ وَفِيهَا: وَلَا يُشَارِكُ أَحَدٌ مِنَّا مُسْلِمًا فِي تِجَارَةٍ إلَّا أَنْ يَلِيَ الْمُسْلِمُ أَمْرَ التِّجَارَةِ.

وَفِيهِ فِي رِسَالَةِ الْقَاضِي أَبِي عُمَرَ وَحَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَأَبِي الْيَمَانِ الْحَكَمِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: كَتَبَ أَهْلُ الْحِيرَةِ إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ إنَّك لَمَّا قَدِمْت بِلَادَنَا فَذَكَرَ مِثْلَهُ. وَفِيهِ فَكَتَبَ بِذَلِكَ ابْنُ غَنْمٍ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ أَنْ أَمْضِ لَهُمْ مَا سَأَلُوهُ وَأَلْحَقَ فِيهِ حَرْفَيْنِ اشْتَرَطَهُمَا عَلَيْهِمْ مَعَ مَا شَرَطُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنْ لَا يَشْتَرُوا مِنْ سَبَايَانَا شَيْئًا وَمَنْ ضَرَبَ مُسْلِمًا عَمْدًا فَقَدْ خَلَعَ عَهْدَهُ. وَأَنْفَذَ ابْنُ غَنْمٍ ذَلِكَ لَهُمْ وَلِمَنْ أَقَامَ مِنْ الرُّومِ فِي مَدَائِنِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ زَبْرٍ. قَوْلُهُ لَا نُجَدِّدُ مَا خَرِبَ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فَلَا يَظُنُّ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا خَرِبَ قَبْلَ الْفَتْحِ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ خَرِبَ فِعْلٌ مَاضٍ فِي صِلَةِ مَوْصُولٍ وَقَوْلُ النُّحَاةِ إنَّهُ إذَا كَانَ صِلَةً يَصْلُحُ لِلْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ فَيَعُمُّهُمَا وَالْمَوْصُولُ هُوَ مَا يَعُمُّ الْبَعْضَ وَالْكُلَّ فَامْتَنَعَ التَّرْمِيمُ وَالْإِعَادَةُ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ خَرِبَ وَفِي بَعْضِهَا ذَهَبَ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَفِي بَعْضِهَا مِنْهَا وَالضَّمِيرُ يَحْتَمِلُ عَوْدَهُ عَلَى الْمُفْرَدِ وَهُوَ الْكَنِيسَةُ فَلَا يَكُونُ نَصًّا فِي مَنْعِ التَّرْمِيمِ وَعَلَى الْجَمْعِ وَهُوَ الْكَنَائِسُ فَيَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَخَرَابَ الْكَنِيسَةِ بِجُمْلَتِهَا لِأَنَّهَا وَاحِدَةُ الْكَنَائِسِ فَيَكُونُ مَنْعًا لِلْإِعَادَةِ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ: وَلَا يَمْنَعُونَ مِنْ إعَادَةِ مَا اسْتُهْدِمَ مِنْهَا فَحَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى الْكَنَائِسِ لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ التَّرْمِيمَ لَا يَمْنَعُ مِنْهَا بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ حَكَى الْخِلَافَ فِي خَرَابِ بَعْضِهَا وَخَرَابِ كُلِّهَا فَكَانَ الْوَاجِبُ حَمْلَ كَلَامِ التَّنْبِيهِ عَلَى الْعُمُومِ فِيهِمَا وَكَذَا كَلَامُ الْحَدِيثِ وَمَنْ لَمْ يَرْوِ مِنْهَا اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ وَالْمَقْصُودُ يَحْصُلُ بِدُونِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى لَفْظِ الْكَنِيسَةِ وَالْبَاعُوثُ وَالشَّعَانِينُ أَعْيَادُهُمْ فَلَا يُظْهِرُونَهَا وَاشْتِرَاطُ الضِّيَافَةِ وَلَا تُزَال عَلَيْهِمْ لِئَلَّا تَنْقَطِعَ الْمَبَرَّةُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ يُمْنَعُونَ مِنْ مُبَايَعَتِهِمْ لِعَدَاوَتِهِمْ فِي الدِّينِ وَمَنْعِهِمْ مِنْ تَعْلِيمِ أَوْلَادِهِمْ الْقُرْآنَ لِأَنَّ الْكَافِرَ فِي حُكْمِ الْجُنُبِ وَلِأَنَّهُمْ قَدْ يَسْتَخِفُّونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015