فتاوي السبكي (صفحة 725)

الثَّانِي يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ كَمَا كَانَ يُقَسَّمُ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ.

أَمَّا إذَا شَرَطَ انْتِقَالَ نَصِيبِ كُلِّ مَنْ مَاتَ إلَى وَلَدِهِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ يَأْخُذُ وَلَدُهُ نَصِيبَهُ وَيَسْتَمِرُّ لَكِنْ إذَا قَالَ مَعَ ذَلِكَ مَا يَقْتَضِي انْتِقَالَ نَصِيبِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِمَوْتِهِ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي كَمَا فِي هَذَا الْوَقْفِ بِدَلَالَةِ " ثُمَّ " عَلَيْهِ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ فِي غَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ فَقَدْ تَعَارَضَ مَعَنَا دَلِيلَانِ:

(أَحَدُهُمَا) الْمُقْتَضِي لِانْتِقَالِ جُمْلَةِ الْوَقْفِ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي.

(وَالثَّانِي) الْمُقْتَضِي لِانْتِقَالِ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ إلَى وَلَدِهِ إذَا نَتَجَ مِنْ أَعْمَالِ كُلٍّ مِنْ الدَّلِيلَيْنِ لِعُمُومِهِ تَعَارُضٌ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي ذَلِكَ، وَرَأَيْت فِي وَقْفِ الْخَصَّافِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُهُ فَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَلَهُ وَلَدَانِ مَاتَا قُبَيْلَ وَقْفِهِ عَنْ أَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ وَأَوْلَادُهُ الْبَاقُونَ عَشَرَةٌ فَالْوَقْفُ الْآنَ لِلْعَشَرَةِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ فَمَاتَ تِسْعَةٌ مِنْ الْعَشَرَةِ انْتَقَلَ إلَى أَوْلَادِ كُلٍّ مِنْهُمْ الْعَشَرَةِ فَإِذَا مَاتَ الْعَاشِرُ قَالَ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَتُسْتَقْبَلُ قِسْمَةٌ جَدِيدَةٌ عَلَى أَوْلَادِ الْعَشَرَةِ وَأَوْلَادِ الْمَيِّتِينَ قُبَيْلَ الْوَقْفِ فَإِذَا كَانَ أَوْلَادُ الْعَشَرَةِ ثَلَاثِينَ قُسِّمَ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّا لَوْ أَعْطَيْنَا الْعَشَرَ لِوَلَدِ الْعَاشِرِ وَوَقَفْنَا أَوْلَادَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ التِّسْعَةِ عَلَى مَا بِأَيْدِيهِمْ لَحَرَمْنَا أَوْلَادَ الْمَيِّتِينَ قُبَيْلَ الْوَقْفِ وَهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَالْوَقْفُ شَامِلٌ لَهُمْ وَهُمْ مَعَ أَوْلَادِ أَعْمَامِهِمْ هُمْ الْبَطْنُ الثَّانِي.

وَقَالَ أَيْضًا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْعَشَرَةُ وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَهُ خَمْسَةُ أَوْلَادٍ ثُمَّ آخَرُ وَلَهُ وَاحِدٌ إلَى أَنْ انْقَرَضُوا كُلُّهُمْ أَنَّهُ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ فَتُرَدُّ إلَى عَدَدِ الْبَطْنِ الثَّانِي وَبَطَلَ قَوْلُهُ: كُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى وَاحِدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ. قِيلَ لَهُ فَلِمَ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَك؟ .

قَالَ مِنْ قَبِيلِ أَنَّا وَجَدْنَا بَعْضَهُمْ يَدْخُلُ فِي الْغَلَّةِ وَيَجِبُ حَقُّهُ فِيهَا بِنَفْسِهِ لَا بِأَبِيهِ فَعَمِلْنَا عَلَى ذَلِكَ وَقَسَّمْنَا الْغَلَّةَ عَلَيْهِمْ عَلَى عَدَدِهِمْ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْخَصَّافُ مُحْتَمَلٌ وَيَنْبَغِي إمْعَانُ النَّظَرِ فِي التَّرْجِيحِ وَالْعَمَلُ بِكُلٍّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ.

وَقَوْلُهُ: مَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فِيهِ عُمُومٌ فِي الْمَيِّتِ وَإِطْلَاقٌ فِي كَوْنِ النَّصِيبِ لِوَلَدِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ حَصَلَ الْإِطْلَاقُ وَفِيهِ عُمُومٌ أَيْضًا فِي النَّصِيبِ فِي الْوَلَدِ. وَقَوْلُهُ: فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادِي فَأَوْلَادِ أَوْلَادِي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015