فتاوي السبكي (صفحة 724)

غَيْرِ وَلَدٍ أَنَّ الْوَلَدَ يَسْتَحِقُّ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْطُوقٍ وَلَا مَفْهُومٍ وَلَمْ يَتَبَيَّنْهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ لِذَلِكَ وَلَا لِمَا يَدْفَعُهُ أَوْ يَقْبَلُهُ ثُمَّ زَادَ هَذَا الَّذِي تَبِعَهُ عَلَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ بِمَا لَمْ يَتَنَبَّهْ ابْنُ تَيْمِيَّةَ إلَيْهِ فَقَالَ: إنَّ نَصِيبَ أَحْمَدَ يَنْتَقِلُ لِمَحْمُودٍ وَنَصِيبَ مَحْمُودٍ يَنْتَقِلُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ وَسَنَعْرِضُ لِذَلِكَ.

فَقُلْت لَهُ هَذَانِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ نَقَلَهُمَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْ غَيْرِ مَذْهَبِهِ فِي ابْنٍ وَهَذَا الْمَعْنَى مِنْ كُتُبِكُمْ لَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا وَخَرَّجَ أَنَّهُ لَا يُعْطَى لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ حَتَّى يَنْقَرِضَ الْأَوْلَادُ وَمَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ.

فَقَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا نَرَاهَا إلَّا فِي الْمُغْنِي وَالْمُغْنِي لَعَلَّهُ أَخَذَهَا مِنْ الشَّامِلِ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِكُمْ.

قُلْت سُبْحَانَ اللَّهِ شَخْصٌ حَنْبَلِيٌّ يُضِيفُ عَلَى مَذْهَبِهِ يَأْخُذُ مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ ثُمَّ أَخْرَجْتُ النَّقْلَ مِنْ الْمُجَرَّدِ لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُصُولِ لِابْنِ عَقِيلٍ كَمَا فِي الْمُغْنِي فَهَذِهِ أَرْبَعُ أُمَّهَاتٍ مِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ وَلَيْسَ فِي غَيْرِهَا مِمَّا وَقَفْت عَلَيْهِ مَا يُخَالِفُهَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ.

وَمِنْ الْبَلِيَّةِ أَنَّ هَذَا الْحَنْبَلِيَّ لَمَّا أَفْتَى بِذَلِكَ تَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَوَاحِدٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَوَاحِدٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَقَاضِي الْحَنَابِلَةِ كُلُّهُمْ أَفْتَوْا بِنَصِيبِ أَحْمَدَ لِمَحْمُودٍ وَنَصِيبِ مَحْمُودٍ لِفَاطِمَةَ، وَهَذَا سَنَعْرِضُ لَهُ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ غَلَطِ الْفُقَهَاءِ بَلْ هَوَسٌ وَهَذَيَانٌ فَلَيْسَ مِنْ جِنْسِ غَلَطِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ.

وَفِي آخِرِ الْكَلَامِ يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّمَا احْتَجْتُ لِتَقْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِمَجِيءِ " ثُمَّ " فِي هَذَا الْوَقْفِ بَيْنَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَالْبَطْنِ الثَّانِي وَلَا شَكَّ فِي احْتِمَالِهَا فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ وَكَانَتْ مُحْتَمِلَةً لَأَنْ يَنْتَقِلَ نَصِيبُ لَاجِينَ إلَى أَوْلَادِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَأَنْ يَنْتَقِلَ إلَى أَخِيهِ مِنْكَوْرَسٍ حَتَّى يَمُوتَ فَيَنْتَقِلَ مَعَ نَصِيبِهِ إلَى أَوْلَادِهِمَا وَوُجِدَ فِي هَذَا الْوَقْفِ مَا دَلَّ عَلَى أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ وَعَضَّدَهُ وَهُوَ انْتِقَالُ نَصِيبِ لَاجِينَ عِنْدَ مَوْتِهِ لِأَوْلَادٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ عَلَى الْأَظْهَرِ عِنْدَنَا، ثُمَّ إنَّ مَعْنًى فِي هَذَا الْوَقْفِ الْخَاصِّ مَعَ لَفْظَةٍ أُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ: مِنْ بَعْدِهِمْ وَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِمَعْنَى " ثُمَّ " وَأَصْرَحُ مِنْهَا فِي أَنَّهُ بَعْدَ الْجَمِيعِ لِأَنَّ " بَعْدَ " بِمَادَّتِهَا تَدُلُّ عَلَى التَّأْخِيرِ، وَالضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى الْجَمِيعِ.

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) كَيْفَ يُقَسَّمُ الْوَقْفُ عِنْدَ تَغَيُّرِ الْبُطُونِ؛ لِأَنَّ لَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي وَلَمْ يَشْتَرِطْ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ لِوَلَدِهِ أَنَّهُ عِنْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَانْتِقَالِ جَمِيعِ الْوَقْفِ إلَى جَمِيعِ الْبَطْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015