عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ إلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ.
قُلْنَا مَالِكٌ إنَّمَا قَالَ ثُمَّ جَعَلَهَا لِغَيْرِهِمْ وَلَمْ يَخُصَّ أَوْلَادَهُمْ فَقَدْ يَجْعَلُهَا لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ وَارِثٍ وَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ التَّرْجِيحُ لِأَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ بِقَرِينَةِ الْإِرْثِ وَهَذِهِ الْقَرِينَةُ مُنْتَفِيَةٌ فِي الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي يَحْتَمِلُهُ كَلَامُ مَالِكٍ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَإِذَا هَلَكَ رَجُلٌ مِنْ الْوَلَدِ الَّذِينَ أَوْصَى لَهُمْ صَارَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِحُكْمِ الْإِرْثِ.
وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ يُرِيدُ وَصَارَ نَصِيبُهُ كَامِلًا لَيْسَ فِي كَلَامِ مَالِكٍ مَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِ كَامِلًا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ نَصِيبَهُ كَامِلًا كَمَا قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ النَّصِيبَ الَّذِي كَانَ يَصِلُ إلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ.
قَوْلُ مَالِكٍ وَخَرَجَ نَصِيبُ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ وَالْأُخْتِ مِنْ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ سَقَطَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ خَرَجَ مِنْ التَّعْلِيقِ بِمَا فِي يَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَصَارَ مُتَعَلِّقًا بِغَيْرِهِ وَهَذَا مَوْضِعٌ مُشْكِلٌ. وَفَصْلُ الْقَوْلِ فِيهِ صَعْبٌ وَلَا ضَرُورَةَ بِنَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ غَرَضِنَا.
قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ الرُّبُعُ مَبْنِيٌّ عَلَى فَهْمِهِ أَنَّ مَالِكًا أَرَادَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ رُشْدٍ الْأُخْتُ يُرِيدُ الْبِنْتَ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ الْبَنِينَ وَدُخُولُهَا وَدُخُولُ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ مَعَ الْبَنِينَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُمْ وَارِثُونَ وَلَمْ تَحْصُلْ الْإِجَازَةُ فَيَقْسِمُونَهُ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ وَقَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَإِذَا هَلَكَ الْوَلَدُ وَرِثَهُ وَلَدُهُ يُصَرِّحُ بِالْإِرْثِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا وَلَا سِيَّمَا وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا فِي الْوَلَدِ الْأَخِيرِ الَّذِي يَخْلُصُ الْجَمِيعُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ فَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ وَقْفٌ يُخَالِفُ ذَلِكَ كَلَامَ مَالِكٍ وَمَا عِنْدِي هَذَا إلَّا أَنْ نَفْرِضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمِلْكِ الَّذِي يُوَرَّثُ أَوْ أَنَّا نَحْكُمُ بِالْمِلْكِ وَالْإِرْثِ فِي حَيَاةِ الْأَوْلَادِ وَفِي الِانْتِقَالِ إلَى أَوْلَادِهِمْ وَلَا يَزَالُ حُكْمُ الْإِرْثِ مُنْسَحِبًا عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ الْوَلَدُ الْأَخِيرُ فَيَنْتَقِلَ أَيْضًا إرْثًا ثُمَّ يَنْقَلِبَ فَيَصِيرَ وَقْفًا وَيَكُونَ الْمِلْكُ أَوَّلًا ثَبَتَ وَالْوَقْفُ آخِرًا وَبِهَذَا يَزُولُ مَا يُحَاوِلُهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ إثْبَاتِ هَذَا الْحُكْمِ فِي الْوَقْفِ الْمُسْتَقِرِّ أَوَّلًا وَآخِرًا وَلَا شُبْهَةَ لِلْإِرْثِ فِيهِ وَلَا لِحُكْمِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى مَدْلُولِ اللَّفْظِ.
قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ: فَهَذَا بَيَانُ الْمَسْأَلَةِ قُلْنَا قَدْ عُلِمَ مَا فِيهِ قَوْلُهُ وَفِيهَا مَعْنًى يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي خَشِينَا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ.
وَقَدْ ظَهَرَ مُنَازَعَتُنَا فِيهِ وَلَقَدْ أَنْكَرْنَا هَذَا أَنْ يُنْتَزَعَ مِنْ