فتاوي السبكي (صفحة 717)

وَتَنْزِلُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ وَذَكَرَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُوصِي قَدْ نَزَّلَ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ الْبَنِينَ أَرْبَعَةً وَابْنَةً وَإِمَّا زَوْجَةً وَأَوْصَى أَنْ يَحْبِسَ عَلَى الذُّكْرَانِ مِنْ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ حَبْسًا لَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ لَمْ يُوصَ لَهُمْ وَهُمْ الزَّوْجَةُ وَالْأُمُّ وَالْأُخْتُ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ مَعَ الْمُوصَى لَهُمْ فِي غَلَّةِ الْحَبْسِ يَقْتَسِمُونَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْمِيرَاثِ.

وَذَلِكَ الَّذِي أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَيُقَسَّمُ عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَمَنْ يُوصَ لَهُ بِشَيْءٍ فَيَدْخُلُونَ مَعَهُمْ فَيَأْخُذُونَ قَدْرَ مَا يُصِيبُهُمْ مِنْ الْمِيرَاثِ.

وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: فَإِذَا هَلَكَ رَجُلٌ مِنْ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ أَوْصَى لَهُمْ صَارَ نَصِيبُهُ كَامِلًا لِوَلَدِهِ دُونَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ الْأُخْتُ وَالْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ شَيْئًا وَهُوَ الرَّابِعُ؛ لِأَنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةٌ فَإِذَا تُوُفِّيَ أَحَدُهُمْ صَارَ الرُّبُعُ كَامِلًا لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ وَرَثَةٍ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَلَا الْأُمُّ وَلَا الْأُخْتُ.

وَقَوْلُهُ: وَثَبَتَ فِي غَيْرِهِ مِنْ حُظُوظِ أَعْيَانِ الْوَلَدِ حَتَّى يَنْقَرِضُوا.

يُرِيدُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ يَدْخُلُ فِيهَا مَعَ الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّهُمْ وَرَثَةُ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَالْأُخْتِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَوْلُهُ حَتَّى يَنْقَرِضَ آخِرُهُمْ يُرِيدُ أَنَّهُ يُعْمَلُ فِي مَوْتِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْأَوَّلِ مَا عُمِلَ فِي مَوْتِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنْ يَكُونَ الرُّبُعُ الثَّانِي لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ وَرَثَتِهِ فَلَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَلَا الْأُمُّ وَلَا الْأُخْتُ وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ الرَّابِعُ وَهُوَ آخِرُهُمْ يَصِيرُ الرُّبُعُ الرَّابِعُ لِوَلَدِهِ كَامِلًا؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ وَرَثَتِهِ وَيَسْقُطُ نَصِيبُ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ يُرِيدُ: وَالْأُخْتُ لَا يَكُونُ لَهُمْ شَيْئًا.

وَقَوْلُهُ فَإِنْ هَلَكَتْ الزَّوْجَةُ وَالْأُمُّ يُرِيدُ أَوْ الْأُخْتُ دَخَلَ مَنْ يَرِثُهُمَا مَكَانَهُمَا فِي الْمِيرَاثِ مَعَ الْوَلَدِ يُرِيدُ نَصِيبَهُمْ كُلِّهِمْ فِي جَمِيعِ الْغَلَّةِ أَوْ مَعَ مَنْ يَبْقَى مِنْهُمْ فِي حَظِّهِ مِنْهُمَا وَهُوَ الرُّبُعُ؛ لِأَنَّهُمْ أَرْبَعَةٌ عَلَى التَّنْزِيلِ الَّذِي نَزَّلْنَا عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ فَإِذَا انْقَرَضُوا كُلُّهُمْ رَجَعَ الْحَبْسُ إلَى أَوْلَادِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ وَرَثَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لِمَنْ لَمْ يُوصَى لَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ وَلَا كَلَامٌ لِأَنَّ الْحَبْسَ قَدْ صَارَ إلَى غَيْرِ وَرَثَتِهِ، فَهَذَا بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِيهَا مَعْنًى يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِيهَا: فَإِنْ هَلَكَ رَجُلٌ مِنْ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ أَوْصَى لَهُمْ صَارَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَهُوَ قَدْ حَبَسَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ وَلَا يَقْتَضِي قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015