حَالُ الْبَيْعِ فِي تَرْسِيمٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَشْهَدُ ظَاهِرُ حَالِهِ بِتَصْدِيقِهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي الْآنَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ يَتَجَدَّدُ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ نَظَرٌ آخَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْكَلَامِ عَلَيْهَا (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) مَنْقُولَةٌ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عَيْنًا فِي يَدِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَانْتُزِعَتْ مِنْ الَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَحْضَرَ الدَّاخِلُ الَّذِي كَانَتْ فِي يَدِهِ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْمِلْكِ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قَبْلَ نَزْعِهَا مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ الَّذِي حَكَمَ بِانْتِزَاعِهَا يَرَى تَقْدِيمَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ فَلَا يَسْمَعُهَا بَعْدَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا حَكَمَ لِلْخَارِجِ بِبَيِّنَتِهِ لِعَدَمِ إتْيَانِ الدَّاخِلِ بِبَيِّنَةٍ وَقَدْ أَتَى بِهَا الْآنَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ تُسْمَعُ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ وَتُرَدُّ إلَى الدَّاخِلِ، وَالثَّانِي وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ لَا تُسْمَعُ.
وَوَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ إنْ قَامَتْ بَعْدَ الْحُكْمِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ سُمِعَتْ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ وَإِنْ قَامَتْ بَعْدَ التَّسْلِيمِ لَمْ تُسْمَعْ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ تَأَكَّدَ بِالتَّسْلِيمِ، وَلَوْ جَهِلْنَا هَلْ حَكَمَ الْحَاكِمُ مُسْتَنِدًا إلَى تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ أَوْ إلَى عَدَمِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ لَمْ يُنْقَضْ فِي الْأَصَحِّ.
التَّوْجِيهُ: أَمَّا قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ فَمَأْخَذُهُ أَنَّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ إذَا عَارَضَتْهَا وَهَلْ الْحُكْمُ بِهَا لِرُجْحَانِهَا بِالْيَدِ لِتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَتَسَاقُطِهِمَا؟ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ يَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِي تَحْلِيفِهِ إنْ قُلْنَا الْحُكْمُ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَحْلِفْ وَإِنْ قُلْنَا بِالْيَدِ حَلَفَ.
إذَا عَرَفْت ذَلِكَ فَإِذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ قَبْلَ الْحُكْمِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ لِأَنَّهَا أَقْوَى وَوَجَبَ الْحُكْمُ لَهُ لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى وَالْحُكْمُ بِالْأَقْوَى وَاجِبٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَى الْأَضْعَفِ كَمَا لَا يُلْتَفَتُ إلَى الِاجْتِهَادِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ فَإِذَا اتَّفَقَ أَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ لِلْخَارِجِ بِبَيِّنَتِهِ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ ثُمَّ قَامَتْ كَانَ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ وَجَدَ النَّصَّ بِخِلَافِهِ فَيَنْقُضُهُ؛ لِأَنَّ النَّصَّ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِالِاجْتِهَادِ مَانِعًا مِنْ الِاعْتِدَادِ بِالْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ مَعْذُورًا لِعَدَمِ عِلْمِهِ فَإِذَا ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَجَبَ نَقْضُهُ كَذَلِكَ هُنَا الْبَيِّنَةُ لِلدَّاخِلِ كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْحُكْمِ لِلْخَارِجِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا الْحَاكِمُ وَلَوْ عَلِمَ بِهَا لَحَكَمَ لِلدَّاخِلِ وَلَمْ يَحْكُمْ لِلْخَارِجِ فَإِذَا ظَهَرَتْ بَعْدَ الْحُكْمِ كَانَتْ هِيَ وَالْيَدُ مَانِعَتَيْنِ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِالْحُكْمِ لِلْخَارِجِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ