فتاوي السبكي (صفحة 1021)

السِّرَايَةِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَعْتَرِفْ بِمَا يُوجِبُهَا.

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ أَنَّ الْمُكَذِّبَ يَزْعُمُ أَنَّ الْكُلَّ قِنٌّ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ إعْتَاقَ شَرِيكِهِ نَافِذٌ سَارٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ فِي الْعَبْدِ الْقِنِّ: أَنْتَ أَعْتَقْتَ نَصِيبَكَ وَأَنْتَ مُوسِرٌ فَإِنَّا نُؤَاخِذُهُ وَنَحْكُمُ بِالسِّرَايَةِ إلَى نَصِيبِهِ لَكِنَّ هُنَاكَ لَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ الْقِيمَةُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ إعْتَاقِهِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا بِبَيِّنَةٍ، وَهُنَا لَمَّا ثَبَتَتْ السِّرَايَةُ بِإِقْرَارِ الْمُكَذِّبِ وَهِيَ مِنْ أَثَرِ إعْتَاقِ الْمُصَدِّقِ وَإِعْتَاقُهُ ثَابِتٌ فَهُوَ بِإِعْتَاقِهِ مُتْلِفٌ لِنَصِيبِ شَرِيكِهِ بِالطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا أَتْلَفَهُ.

وَيَزِيدُ ذَلِكَ وُضُوحًا أَنَّا فِي الْمُكَاتَبِ كُلِّهِ إنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِالسِّرَايَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الشَّرِيكِ فِي كِتَابَتِهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَفْقُودَةٌ هَا هُنَا وَلَا مَحْذُورَ فِي السِّرَايَةِ فَلِذَلِكَ كَانَ الْأَصَحُّ الْقَوْلَ بِهَا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ: يَسْرِي وَلَا يَغْرَمُ.

إذَا عَرَفْتَ هَذَا فَإِذَا قُلْنَا بِالسِّرَايَةِ فَهِيَ هَا هُنَا فِي الْحَالِ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَجِيءُ الْقَوْلُ الْآخَرُ الْقَائِلُ بِالْوَقْفِ عَلَى الْعَجْزِ؛ لِأَنَّهُ لَا كِتَابَةَ هَاهُنَا فِي الْبَاقِي فَلَا عَجْزَ، فَإِنْ قُلْنَا بِالسِّرَايَةِ فَوَلَاءُ النِّصْفِ الَّذِي سَرَى الْعِتْقُ إلَيْهِ لِلْمُعْتَقِ وَفِي وَلَاءِ النِّصْفِ الْآخَرِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ، وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا الْخِلَافِ فِي النِّصْفِ الَّذِي سَرَى إلَيْهِ الْعِتْقُ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ السِّرَايَةَ لَا تَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ، وَإِذَا قُلْنَا: لَا سِرَايَةَ فَوَلَاءُ مَا عَتَقَ يَنْفَرِدُ بِهِ الْمُصَدِّقُ فِي الْأَصَحِّ لِإِبْطَالِ الْمُنْكِرِ حَقَّهُ، هَذَا حُكْمُ الْإِعْتَاقِ.

وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُصَدِّقُ مِنْ نَصِيبِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْرِي كَنَظِيرِهِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا تَجِيءُ الْمُؤَاخَذَةُ هَاهُنَا لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ يَزْعُمُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ بَاطِلٌ وَلَوْ أَقْبَضَ الْمُصَدِّقُ نَصِيبَهُ مِنْ النُّجُومِ فَلَا سِرَايَةَ، وَهَلْ يَكُونُ وَلَاءُ مَا عَتَقَ لَهُمَا أَوْ لِلْمُصَدِّقِ وَحْدَهُ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

(سُؤَالٌ) وَرَدَ مِنْ ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة مِنْ جِهَةِ الْفَقِيهِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَنُوبٍ الْقُرَشِيِّ الْمَغْرِبِيِّ عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ وَجَدَهُمَا الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إحْدَاهُمَا مَنْ أُخِذَ لَهُ مَالٌ حَلَالٌ فَوَجَدَ عِنْدَ أَخْذِهِ لَهُ مَالًا حَرَامًا فَهَلْ إذَا أَخَذَهُ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015