ويقابل نعمه بالشكر ويطمئن خاطره وتسكن إلى مولاه سرائره فلا يستقبح موجوداً ولا يستهجن مفقوداً ولا يستثقل حكماً ولا يرمي في الكون ظلماً بل يستقبل الأحكام بالرضا ويستسلم لموارد القضا ويقابل العوارض بما قاله ابن الفارض:
وكل أذى في الحب منك إذا بدا ... جعلت له شكري مكان شكيتي
وأعدل المخلوقات وأوسط الكائنات الأنبياء عليهم السلام فأنهم أعدل الخلق مزاجاً وطبيعة وأقوم الناس منهاجا وشريعة وأوسط البشر أفعالاً وأقسطهم أعمالاً وأقوالاً وإنما يعترض على أقوالهم ويتعرض لأفعالهم من هو عن الصواب منحرف وعن جادة الحق منصرف ومن عين يصيرته عمياء عن مراقية التحقيق كالأعمى الذي خرج وهو ماش عن سواء الطريق فيعثر في شوك أو حجر أو يصدمه حيوان أو شجر فيقول نحو هذا عن الطريق فانه يحصل للمارة تعويق ويعيب على واضعه وإنما العيب في طبائعه والجهل منسوب إليه لعمى قلبه وعينيه كما قال ذو الخويصره لسيد الرسل البررة لما قسم الغنيمة قسمة مستقيمة اعدل فأجابه الكامل المكمل بأنه أن لم يعدل فمن يعدل وأنه رأى ذا الخويصره الذي أعمى الله بصره خاب وخسر ولاقى اليوم العسران لم يعدل ذلك المفضل وكيف يقال هذا الكلام لمثله عليه الصلاة والسلام قود أمره الله تعالى بالعدل ونشر سر هذا النقل واقر عينكم بقوله وأمرت لا عدل بينكم