(وإنما أوردت) هذا المثل ليعلم مولانا الملك الأجل أن الدنيا وأن كانت ظلاً زائلاً وحائطاً مائلاً فهي مزرعة للآخرة وأن الآخرة هي الدار الفاخرة وأن الله تعالى وجل جلالاً ولاك هذه المزرعة وعلق بالأوامر العلية ما بها من مضرة ومنفعة وحكمك في البلاد وملكك رقاب العباد قاياك أن تغفل عن عمارتها بالزراعة أو تسلم زمام تدبيرها إلى يد الإضاعة فانك منقول منها ومسؤل عنها ومصالح عساكرك بها منوطة وأحوال ملكك بالعساكر مربوطة تعمرت الضياع والقرى ترفهت الأجناد والأمرا واستراحت الرعية واستمرت مناظم الملك مرعية وتوفرت الخزائن واطمان الظاعن والساكن وقلت المظالم وكفت أكف الظالم وملاك هذا كله العدل والأستوا ومجانبة الأغراض الفاسدة والهوى وهذا الذي يقتضيه مقامك ويتم به مرامك فان الملك إنما هو ملك بالأجناد فلا بد له من عمارة البلاد والنظر في مصالح العباد لينتظم بنظره مصالح العالمين ويستقيم أمر العالم إلى الحين الذي قدره أحكم الحاكمين فان سنة الله حرت على هذا السنن وما رآه المؤمنون حسناً فهو عند الله حسن ولهذا قال سيد سكان الخيف أنا نبي السيف والجهاد فرض عين على الملوك لا على الفقير والصعلوك فالملوك في نوع من السيادة تقتضي من المال ازدياده ليقيموا من الأسلاك عماده ويقتفوا من الشرع مرادهويقصموا الكفر وعناده ويبيدوا أهله وأولاده وينهبوا أطرافه وتلاده ويوطئوا سنابك الإيمان بلاده وواجب على كل حاكم أن يبذل في ذلك اجتهاده ويجعل الجهاد إلى الآخرة زاده وعتاده ويصون عن الكفر بلاد الإسلام وعباده إلى يوم يلقى