إني لآمن من عدو عاقل ... وأخاف خلا يعتريه جنون
والعقل فن واحد وطريقه ... أدرى وأرصد والجنون فنون
ولهذا قيل معاداة العاقل خير من مصافاة الجاهل ثم قالت غرغرة في أثناء هذه القرقرة وأما ما ذكرت من البيان من مفارقة الأوطان وترك هذا المكان أما سمعت حديث أشرف جنس الإنسان أن حب الوطن من الإيمان وقد ألفنا وطننا وحبه وقلع أصول محبته من قلوبنا صعبة وهو في معزل عن طرق الجوارح ومكمن عن السوائح والبوارح وإنما تعرض لأولادنا تلك الآفة من تراكم العساكر المصافة ومن يحصل من أقدامها من كثافة وأنا أخاف إن انتقلنا من هذا الوطن يخرج من أيدينا هذا السكن ولا نحصل على مأوى يليق أو لا توافقنا الغربة أو يمنع مانع في الطريق فنقصد الربح فيذهب رأس المال فنخسر ما في أيدينا في الحال ولا يحصل المأمول في الاستقبال وكيف وهو مسقط رأسنا ومحل أنسانا وأناسنا فالأولى بنا الرضا والانقياد لأوامر القضا وملازمة الوطن القديم والسكون تحت تقدير العزيز العليم وقد قيل إنما يشفي العليل إذا ترك مشتهيات نفسه وقيد متمنياته في قيد حبسه ولابد للمريد من ترك المراد وللقانع من قطع النظر عن الإزدياد والحرية في رفض الشهوات وكل ما هو آت آت