ويبرد أوامي فما صدق صاحب التنور حين سمع الدعاء المذكور والنداء المقبول المشكور حتى طفر من مجثمه كالشواظ المسجور وأقام أمام لهوه المصاب واستعمل من قواعد النحو الرفع والجر والانتصاب ورفع العمودين وأولجه المحراب ولا زال ذلك الإمام يتردد في البيت الحرام وقد نال في الحرم آمنا حتى رمى الجمرات وأمنى ثم قبل فاهها وخرج مسرعا من ذراها وخلى الدار تنعى من بناها ففتح زيد عينيه وحملق حواليه ثم قال: يا أقذر القحاب هكذا يكون الدعاء المستجاب (وإنما أوردت) هذا الكلام والتمثيل لك يا إمام ليتبين لكل عالم همام وليتبصر أولوا العقل والأفهام الفرق ما بين قضايا الحس والعقل والأوهام وقد شبه العقل بجل عال عزيز المنال وكل من قصد الصعود إليه والارتقاء عليه لا يصعده إلا من طريق واحدة منها يوصل منه إلى الفائدة وسلوك طريق المعاشرة مع العقلاء وذوي الآراء الأذكياء في العداوة وانصداقة والكدرة والزياقة واللطافة والكثافة والخوف والرجاء والابتداء والانتهاء إنما هو من باب متحد لا من طريق متعد ولأجل هذا يا متبصر سلوك مثل هذه الطريق معهم متيسر لا متعوج ولا متعسر ورأس خيط هذه السموط بالاستقامة والسلاح مضبوط بخلاف الجهال والخلعاء والحمقى والسفهاء فإن أمورهم منفرطة وأفكارهم وآرائهم غير منضبطة فتتكدر خوار العقلاء في تعليمهم ويعيا طبيب الفكر في تهذيب أحمقهم وتأديب سفيههم وقيل: