وأولو التجارب من الحكماء بل أطبق أرباب العقول وأئمة الدين وأصحاب الأصول إن قضايا العقل كلها صادقة وألسنتها فيما تحكمه بالصواب والأصالة ناطقة غير أن كثيراً ما تشتبه القضايا العقلية لسوء التصور بالقضايا الوهمية فيقع الخطأ بواسطة الوهم في الفهم وينسب إلى العقل ذلك السهم وإلا فاتفق العقلاء جمعاً أن القضايا العقلية لا يقع فيه الخطأ قطعاً وأن قضايا الحس لوقوع الاشتباه واللبس يتصور أنها حق ويقضي لها وعليها بالصدق وإذا وقع الخطأ لحصول الاشتباه وعدم التأمل والانتباه في القضايا الحسية والقضايا التي هي بحاسة البصر مرئية كما وقع ذلك في حادثة الطريقة البغدادية فوقوع الخطأ بالوهم أولى في القضايا العقلية لأن طرقها أخفى وأحكمها معنوية فسأل الذكر عن تلك البغدادية وما هذا الخبر (قالت) كان في مدينة السلام بعد أن امرأة من المتخذات أخدان اسم زوجها زيد وهي أم عمرو وذات كيد لها عدة أخدان تدعو لكل بالإخوان وكل ينشد في السر والإعلان قوله:

دعتني أخاها أم عمرو ولم أكن ... أخاها ولم أرضع لها بلبان

فاتفق أن زوجها زيد دعاه أمير البلد إلى الصيد فركب معه وسار وخلت منه الديار فتسامع بذلك بعض أخدانها فتوجه منهم طائفة إلى مكانها فأول من سبق تاجر شبق فدخل بثياب بيض وشاش رحيض وهيئة نظيفة وصورة ظريفة فأسرع في الدخول ومعه ما يليق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015