قال الأسد فهل اطلعت على ما يوجب ذلك أو يدل على الإلقاء في المهالك وتضييق المسالك من حركات أفعالي أو من فلتات أقوالي أو تقلبات أحوالي أو نقل إليك ناقل من جاهل أو عاقل فأفحم الجمل الجواب وأطرق فلم ينطق بخطأ أو صواب فقال الغراب لا ينجيك إلا الصدق وكشف أستار الريب عن جبين الحق وكان حاضر هذه الفحوى خلد أعمى وهم عنه غافلون وعن استماعه ذاهلون ففي الحال توجه إلى الدب وقال صورة ما جرى بتخيير المشترى فعلم الدب إنه افتضح وأمره اتضح فنهض وما قعد ودخل على الأسد فرأى الجمل مطرقا لا يلوك منطقا فمد صولجان اللسان وخطف كرة البيان وسابق بالكلام خوفا من الملام وقال بلسان طلق كلام فاجر مختلق اعلم أيها الطويل الأبلم أنك لو أمسكت عن كلامك القبيح في وقتك الفسيح لكان أصوب وأحسن وأعجب لكن لما فهت بالعبر وأتيت بإحدى الكبر وصادمت القضاء والقدر وخنت ولي نعمتك وقصدت إهلاك الملك بقبح شيمتك أزال الله سترك وأبدى أمرك وفضحك وقبحك وبلجام الخزي كبحك لا جرم جرمك حسبك وإثمك العظيم أخرسك فأبهت الضرغام من هذا الكلام وشاب الغراب من هذا الأمر المشاب ووقعوا في الاضطراب والشك والارتياب واشتبه الخطأ بالصواب وقالوا إن هذا الشيء عجاب فقال الجمل للدب يا فقيد اللب يا قليل النصفة وعديم المعرفة وأنحس أفاك وأنجس سفاك وأبخس بتاك أتظنني خائفا من كلامك وخطابك عاجزا عن ملامك وجوابك أما كفى أني قصدت ستر