تتم الأمور الجليلة فلا يهتم الملك بجثث الأفيال ويشرع فيما هو بصدده من دقيق الاحتيال وأنا أرجو من الله تعالى الظفر بعدونا وحصولنا على غاية ما مولنا ونهاية مرجونا فأول ما نعاملهم بالوهم وإظهار الصوله والتخويف والإرهاب بقوة الدولة فان الوهم قتال والعاقل المدبر يحتال وطائفة الفيول عديمة العقول وبالوهم يبلغ الشخص مراده كما بلغ الحمار من الأسد ما أراده فسأل ملك الآساد بيان حكاية أبي زياد (فقال) أبو الحصين أخبرني أبو الحسين ذو المفاخر ناصر انه كان في بعض الإعصار والمعاصر حمار في مدار يستعملونه بالليل والنهار إلى أن حصل له الكبر ورمى بالعبر وابتلى باطناً بالجوع وظاهراً بالدبر وعجز عن العمل وانقطع منه الأمل فتركه أصحابه واعتقوه وفي بعض المراعي أطلقوه فصار يمرح وفي تلك المروج يسرح إلى أن خرج إلى الصحرا وانفرد في رياض الفلا فوصل إلى بعض الآجام وحصل له النشاط التام إلى أن صح بدنه وسمن وبرأ دبره وأمن وأخذه البطر واستولى عليه الأشر واستخفه الطيش وطيب العيش وصار في تلك المراعي يتردد ذهاباً وإيابا كالساعي فيسدي ويلحم في شقتها ويفصل مهما اختار من مزهرخرقتها وينهق على عادة الحمير فيملأ تلك الأماكن من الشهيق والزفير وكان في تلك الآجام أسد متخبس يسمى الشبل بن المتأنس كان أبوه ملك تلك الأماكن قد نشأ بها وهو فيها ساكن شاب غرير لم يكن يعرف الحمير ولا طرق سمعه شهيق ولا زفير بل ولا خرج من تلك