لئيمة معدن السموم في زبان إبرتها وطعم المنايا مودع في شوكتها فتوجهت إليها وترامت عليها وقالت إنما تدخر الأصحاب للشدائد ولدفع الضرر والمكائد وإنزال الداء بساحة الأعداء ولأخذ الثار والانتقام من المعتدين اللئام وقصت عليها القصة وطلبت إزاحة هذه الغصة وأن تأخذ لها بضرباتها القصاص ليحصل لها بين جيرانها من العتب الخلاص فأجابتها إلى ما سألت وأقبلت إلى وكر الفارة بما اقتبلت وأخذا في أعمال الحيلة قادت أفكارهما الوبيلة إلى أن تخدعا صاحب البيت بالذهاب وتلقياه بذلك في اللهب تم أمهلا إلى أن دخل الليل وشرعا في إيصال الويل فأخرجت الفارة ديناراً وألقته في صحن الدار ووضعت آخر عند حجر الفار وأظهرت نصف دينار من ذلك الذهب وسترت النصف الآخر عند العقرب واستترت العقرب بجناح السكون تحت ذيل الكمون وقد عبت في زبانها ريب المنون فلما أصبح الصباح ونودي بالفلاح وجد صاحب الدار في وسطها الدينار فتفاءل بسعد نهاره ولم يعلم أنه علامة دماره ففتح عينيه ونظر حواليه فرأى عند حجر الفار أخا الدينار ففرح وطار ونشط واستطار وزاد في الطلب على بقية الذهب فرأى نصف دينار داخل حجر الفار فمد يده إليه وأعمى القضاء عينيه عما قدره الله عليه فضربته العقرب ضربه قضى منها نحبه فبرد مكانه ولاقى هوانه وأخذت الفارة ثأرها وقضت من عدوها
أوطارها (وإنما أوردت) هذه القصة الأحبار ليعلم الملك أن حيلة صائب الأفكار تفعل ما لا يفعله العسكر الحرار بالسيف البتار والرمح الخطار وبقليل الحيلة