فقال سل فكلامك لا يمل قال أكنت ترجو أن ولدك لا يموت أبداً وأنه يصير في الدنيا مخلداً فقال لا ولكن أردت أن يبق مده ويتمتع بشبابه وبنعيمها عنده ويلتذ بطيب المآكل والمشارب ويقضي من أواطار الشباب المآرب ويؤنس أنداده وصحبه ثم يقضي بعد ذلك نحبه قال هب أنه عاش مهما رمت وقام وقعد في الدنيا كما قعدت وقمت وعاش العيش الطيب وهمي عليه من سما ملاذها الوابل الصيب وحصل له من العيش الهني والعمر السني أمثال الجبال وأعداد الرمال فعند مفارقة العيش وحلول الخفة والطيش هل يدفع عنه ذاك شراً أو يرفع عنه بؤساً وضراً أو يجلب له نفعه أو يذهب من ذلك شيء معه أو يفيده أدنى فائدة أو يعود عليه منع عائده قال لا قال فلا تاس على معاش يكون عقبى أمره إلى لاش وعمر ذاك مصيره وسواء طويله وقصيره وكثير تنعمه ويسيره (شعر) :
وإذا كان منتهى العمر موتاً ... فسواء طويلة والقصير
(غيره) :
فعش ما شئت في الدنيا وأدرك ... بها ما شئت من صيت وصوت
فحبل العمر موصول بقطع ... وخيط العيش معقود بموت
فهب أنه عاش ونهب الملاذ وحاش وعلا في ارض التنعم وغلا وجاش كل ذلك في المقدار على حسبما تختار وأنه جاءه القضا وقد قضى وطره ومضى ثم قضى تحبه وقضى فجبر الكلام كسرا وسرى عنه همه وأسرى وقال الآن سكنت فنعم الناصح أنت