من ينتقص حرمته وينتهك عظمته وحشمته ومنهم ذو الطبع اللئيم المفسد في الحريم ولا شك أن أبا نوفل المهمل المغفل قد ارتكب بعض هذه الصفات وهو متلبس بأشنع الحركات وهذا يدل على لؤم أصله وشؤم محله وسوء طوبته وفسداد نيته ومن أكرم اللئيم فهو

الملوم وهذا أمر معلوم وقد قيل:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

فقال أخو نهشل الفقير لا تقل ذلك أيها الوزير فإن أبا نوفل عبد خديم ومخلص قديم وظريف نديم ومحب صديق وودود شفيق أمين ثقة ذو وفاء ومقه محب ناصح وجليس صالح لم يعلم مولانا الملك عليه إلا الخير ولم يزل يسير في طريق العبودية أحسن سير ولم يطلع منه على شيء يعينه ولا يشينه في الدارين ولا يريبه بل هو ملازم لوظائف عبوديته مباشر لما يجب عليه من شرائط خدمته لم يصدر أبدا غش لمخدومه ولا خروج عن امتثال أوامر مرسومه فإن منه هفوة نادرة أو سهوة بادره أو جفوة سادره فحلم مولانا الملك لا يقتضي بل ولا يرتضي إطراح هذه الأوصاف المتعاضد لأجل هذه الزلة الواحدة كما قيل:

فإن يكن الفعل الذي ساء واحدا ... فأفعاله اللاتي سررن ألوف

مع أنه حصل له من كسر الخاطر وإحراق القلب وإغراق الجفن الماطر ما لا يجبره إلا العواطف السلطانية والمراحم الشريفة الملوكية ونظرة من الحنو والعطف وذرة من الشفقة واللطف تكفيه ومن أليم الجفاء تنجيه وبعد شدة الممات تحييه وإلا فلا نعرف أحداً يجبر كسر ذلك الوهن أبداً إلا الآلاء السلطانية من يد العلو تعالى مقامها إلى درجات السمو والعطف والحنو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015