وقال نبي الحرمين وإمام الثقلين صلوات الله وسلامه عليه الصمت حكمة وقال عليه الصلاة والسلام البلاء موكل بالمنطق وقال الحكماء السكوت يسترعب الجهل ويعظم حرمة الملوك ولقد آذيت نفسك وتسبب فيما أوجب حبسك وأقلقت ودودك وأشمت حسودك ولقد كانت حصتي من بلائك ومما دهاني من شدة عنائك أعظم من كل حصة وقصتي في ذلك أعجب من كل قصة إذ أنت رفيقي وزميلي وفي حضرة الملك ومنادمته عديلي نشأنا على ذلك وسلكنا في الموافقة والمرافقة أقوم المسالك وكنت المرحو لمخافي وأيابي في مطافي ومشتكى حزني ومشتفى شجني ومخزن أسراري وأعظم أستاري وراوية أخباري في أحباري وراوية أسفاري في أسفاري ومن أين ألقى مثلك وفيقاً أو أجد صديقاً شفيقاً وأنت صاحب السراء ومصاحب الضراء وأنشد:
ومن أين ألقى بعد سبعين حجة ... رفيقاً كمن أرضعته قهوة الصبا
أديباً أريباً لم أمل مقامه ... ولا ملني يوماً حكيماً مهذباً
ويعز علي ويعظم لدي أن أراك في هذه الحالة ثم أجرى سحائب دموعه الهطالة وقال:
وما على الحر أنكى أن يرى حزناً ... في محنة ضاق عنها دونه الحيل