المكامن من الدخول إلى الخزائن فلاحت له فرصة فانتهزها واستعمل دقائق صنعه وأبرزها وانتقل من ذلك إلى المبيت ولطئ تحت سرير الملك كالعفريت والملك نائم فوق السرير على فراش الحرير معانق الظبي الغرير وخرزة التاج عند رأسه فقد كأنها سراج متقد فقصد اللص أخذها واقتطاعها وفلذها فاسهل القوم إلى أن استغرقوا في النوم وبينما هو متفكر فيما به إذ خرج البرغوث من ثيابه ودخل إلى جسد السلطان وقص عليه بلسان القرص كل ما كان من شأن اللص فنهض الملك من مرقده فرأى نقطة على جسده فطلب النور لينظر الأمور فرأى برغوثاً طار ونزل تحت السرير فقصوا أثره على المسير فوجدوا الحرامي الكسير فربطوه كالأسير ووقع في الأمر العسير بالأمر اليسير فصار كما قيل:
مشى برجليه عمداً نحو مصرعه ... ليقضي الله أمراً كان مفعولا
(وإنما أوردت هذا المثل) لتعلم يا أبا نوفل أن سراً في الفؤاد لا يؤمن عليه الجماد فضلاً عن متحرك منحيوان ونعوذ بالله إن كان من جنس الإنسان وقد قيل للحيطان آذان ومن أمثال العجم الأوباش للديوان أكواش فلما انقضى هذا الكلام وكان الأسد قد استوفاه على التمام وقد أثار في أحشائه لهباً نهض من مرقده غضباً واستحال وتحرك وأمر بأبي نوفل فقبضوا عليه ووضعوا الغل ف رقبته والسلاسل في يديه ورجليه وأمر إلى السجن برفعه بعد التنكيل به وصفعه فتشوش خاطر صديقه وجليسه ورفيقه ثم انقض المجلس النظيم ودخل الملك إلى الحريم