إن هذا الكتاب يتحدث عن محمد الفاتح، فاتح القسطنطينية وقاهر الروم وعن أجداده العظام الذين عاشوا بالإسلام وماتوا في سبيل إعلاء كلمة الله يتحدث عنهم حديثاً منصفاً، فيبين للقارىء الكريم سيرة عثمان الأول، وأورخان ومراد الأول، وبايزيد الأول، ومحمد جلبي، ومراد الثاني ومحمد الفاتح، ويوضح صفاتهم والمنهج الذي ساروا عليه، وكيف تعاملوا مع سنن الله في بناء الدولة كسنة التدرج، وسنة الأخذ بالأسباب، وسنة تغيير النفوس، وسنة التدافع، وسنة الأبتلاء، وكيف حقق القادة الأوائل شروط التمكين، وكيف أخذوا بأسبابه المادية والمعنوية؟ وماهي المراحل التي مرت بها الدولة؟ وكيف كان فتح القسطنطينية نتيجة لجهود تراكمية شارك فيها العلماء والفقهاء والقادة والجنود على مر العصور وكر الدهور وتوالي الأزمان؟ ويبين للقاريء الكريم أن النهوض العثماني في عصر السلطان محمد الفاتح كان شاملاً في كافة المجالات العلمية والسياسية والأقتصادية والإعلامية والحربية، وإن للتمكين صفات، لابد من توفرها في القادة والأمة وبفقدها يفقد التمكين.

قال تعالى (لقد كان في قصصهم عبرة لإولى الألباب، ماكان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدىً ورحمةً لقوم يؤمنون) (سورة يوسف: آية 111)

إن هذا الكتاب يقف بالقاريء على بعض سنن الله في المجتمعات والأمم والشعوب وبناء الدول، ويوضح أثر تحكيم شرع الله تعالى على الدولة العثمانية في زمن السلطان محمد الفاتح ويدعو القاريء الكريم للتأمل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليفهم فقه إحياء الشعوب وبناء الدول حتى يكسب العبد معرفة أصيلة بأثر سنن الله في الأنفس والكون والآفاق، وكتاب الله تعالى مليء بسننه وقوانينه المبثوثة في المجتمعات والدول والشعوب. قال تعالى: (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم) (النساء: 26).

وقد أرشدنا كتاب الله تعالى إلى تتبع آثار السنن في الأمكنة بالسعي والسير، وفي الأزمنة من التاريخ والسير، قال تعالى: (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين، هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين) (آل عمران: 137 - 138).

وأرشدنا القرآن الكريم إلى معرفة السنن بالنظر والتفكير،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015