أن في تطبيق الشريعة نزول البركة، وتوالي النعم، إذ ليس هناك طريق مستقل لحسن الجزاء في الآخرة وطريق مستقل لصلاح الحياة في الدنيا، إنما هو طريق واحد تصلح به الدنيا والآخرة، وفي تطبيقها بركات في النفوس وبركات في المشاعر وبركات في طيبات الحياة، فالبركة قد تكون مع القليل إذا أحسن الانتفاع به، ومن نتائج تطبيقها بناء مجتمع إسلامي معتز بدينه وعقيدته بما التزمه من سلوك مصدره كتاب الله وسُنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ففيهما المواد اللازمة لبناء الفرد المسلم والجماعة المسلمة والأمة المسلمة والدولة المسلمة كما أن من النتائج حفز الهمم، وبعث النفوس إلى الأخذ بأسباب العلم والحضارة والرقي والتقدم لما تضمنته تلك الشريعة من الدعوة إلى الحياة كما أنها تتضمن نبذ عفن الحياة الحضاري لمجتمعات الرذيلة أياً كانت وأينما وجدت (?).

إن الناس يحتاجون إلى العلماء الربانيين ليعلموهم دينهم ويربون نفوسهم على طاعة الله ولذلك لابد من القيادة الإسلامية من احترامهم وتقديرهم وإكرامهم، فهم الذين يبينون

للناس حكم الله ورسوله وتفسير النصوص الشرعية وفق قواعد الإسلام الكلية قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون}.

14 - (ولا تصرف أموال الدولة في ترف أو لهو أو أكثر من قدر اللزوم فإن ذلك من أعظم أسباب الهلاك):

إن هذه الوصية ترشد ولي عهد السلطان محمد الفاتح إلى الاعتدال والتوسط في الاستهلاك وهذه الوصية فهم لأمر الله ورسوله بالقصد والتوسط ولقد أنزل الله كثيراً من الآيات التي تمتدح في التفقه وذم ماسواه من البخل والشح والتبذير والإسراف والترف قال تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً} (الإسراء: 29). وقال تعالى يصف المؤمنين: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما} (سورة الفرقان، الآية: 67).

إن السلطان محمد الفاتح يرى وجوب ابتعاد الحاكم ودولته عن الإسراف لأن فيه معصية الله ورسوله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015