وَهِيَ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ: أَنْتُمْ قَاطِعُونَ بِانْتِفَاءِ النَّصِّ، فَبِمَ أَدْرَكْتُمْ حَقِيقَةَ الِانْتِفَاءِ؟ وَكَيْفَ تَرَقَّيْتُمْ عَنْ مُخَالَجَةِ الشَّكِّ، وَالْمِرَاءِ إِلَى هَذَا الِادِّعَاءِ؟ فَأَنْتُمْ فِي دَعْوَى النَّفْيِ، وَمَنِ ادَّعَى الْإِثْبَاتَ عَلَى سَوَاءٍ، وَإِذَا اسْتَوَى الْمَسْلَكَانِ، وَتَشَاكَلَتْ جِهَاتُ الْإِمْكَانِ، فَسَبِيلُ الْإِنْصَافِ وَالِانْتِصَافِ اجْتِنَابُ الْقَطْعِ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ عَلَى جُزَافٍ.
40 - قُلْنَا الْآنَ نَحْمِلُكُمْ بِالْبُرْهَانِ الْأَوْضَحِ عَلَى سُلُوكِ اللَّقَمِ الْأَفْيَحِ، وَنَسْتَاقُكُمْ إِلَى الْمَحَجَّةِ الْغَرَّاءِ بِالْحُجَّةِ الْبَيْضَاءِ، فَلْيَعْلَمِ الْمُسْتَرْشِدُ أَنَّ الَّذِي دُفِعْنَا إِلَيْهِ مُتَلَقَّى مِنِ اطِّرَادِ الْعَادَاتِ وَاسْتِمْرَارِهَا، وَجَرَيَانِهَا عَلَى الْقَضَايَا الْمَأْلُوفَةِ الْمَعْرُوفَةِ وَاسْتِقْرَارِهَا، فَمِمَّا اطَّرَدَ بِهِ الْعُرْفُ عَلَى مَكَرِّ الْأَيَّامِ، وَمَمَرِّ الْأَعْوَامِ، أَنَّ النَّبَأَ الْعَظِيمَ، وَالْخَطْبَ الْجَسِيمَ، وَمَا يَجِلُّ خَطَرُهُ، وَيَتَفَاقَمُ وَقْعُهُ فِي النُّفُوسِ وَغَرَرُهُ، تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى اللَّهَجِ بِصِدْقِهِ وَذِكْرِهِ، وَالِاعْتِنَاءِ بِنَشْرِهِ وَشَهْرِهِ، وَالِاهْتِمَامِ بِأَمْرِهِ لِعُلُوِّ مَنْصِبِهِ وَقَدْرِهِ.
وَوُضُوحُ هَذَا يُغْنِي عَنْ بَسْطِ الْمَقَالِ، وَضَرْبِ الْأَمْثَالِ، فَلَوْ حَلَّ