لقد انهزم المشركون أول النهار، فصرخ فيهم إبليس! أى عباد الله، أخزاكم الله، فارجعوا من الهزيمة فاجتلدوا.

كان حذيفة (?) رضي الله عنه وأبوه في هذه الموقعة، فلما رأى المسلمين يريدون قتله، وهم يظنون أنه من المشركين، فقال حذيفة: أي عباد الله! أبي، فلم يفهموا قوله، حتى قتلوه، فقال: يغفر الله لكم، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه، فقال: قد تصدقت بديته على المسلمين، فزاد ذلك حذيفة خيرا عند النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال زيد بن ثابت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أطلب سعد بن الربيع، فقال لي:: «إن رأيته فأقرئه مني السلام، وقل له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تجدك؟ قال: فجعلت أطوف بين القتلى، فأتيته وهو باخر رمق، وفيه سبعون ضربة، ما بين طعنة برمح، وضربة بسيف، ورمية بسهم. فقلت: يا سعد، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام، ويقول لك: أخبرني كيف تجدك؟ فقال: وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قل له: يا رسول الله، أجد ريح الجنة، وقل لقومي الأنصار:

لاعذر لكم عند الله، إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيكم عين تطرق، وفاضت نفسه من وقته (?) .

مرّ رجل من المهاجرين برجل من الأنصار يتشحط في دمه، وهو ينوء ويكبو وجراحه تثعب دما، فقال: يا فلان، أشعرت أن محمدا قد قتل؟ فقال الأنصاري: إن كان محمد قد قتل، فقد بلّغ، فقاتلوا عن دينكم، فنزل قوله تعالى:

وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015