غريب الحديث (صفحة 271)

قال أبو عبيد: وقد رأيت بعض من يتعم بالزندقة والدّهرية يحتج بهذا الحديث، ويقول: ألا تراه يقول: فإنّ الله هو الدّهر؟

فقلت: وهل كان أحد يسب الله [عز وجل] في آباد الدّهر؟ !

وقد قال "الأعشى" في الجاهلية الجهلاء:

استأثر الله بالوفاء، وبالحمد وولّى الملامة الرّجلا

وإنّما تأويله عندي -والله أعلم- أن العرب كان شأنها أن تذم الدهر، وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت، أو هرم، أو تلف مال، أو غير ذلك، فيقولون: [93] أصابتهم قوارع الدّهر، وأبادهم الدّهر، وأتى عليهم الدّهر، فيجعلونه الذي يفعل ذلك، فيذمونه عليه، وقد ذكروه في أشعارهم، قال الشاعر يذكر قومًا هلكوا:

فاستأثر الدّهر الغداة بهم ... والدّهر يرمينى وما أرمى

يا دهر قد أكثرت فجعتنا ... بسراتنا ووقرت في العظم

وسلتنا ما لست تعقبنا ... يا دهر ما أنصفت في الحكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015