فصل
وقد زعم صاحب المقال أن شيخ الإسلام أبا العباس ابن تيمية قدس الله روحه يوافقه على الرأي الذي شذ به هو وأشباهه عن جماعة المسلمين؛ قال في آخر مقاله: وهذا الرأي الأخير أعني القائل بأن الحرب للدفاع عن الدعوة ضد المعتدين عليها هو الرأي المعقول المقبول، فليس مما يشرف الدعوة الإسلامية أو أية دعوة أخرى أن تتخذ القوة وسيلة لنشرها، وإرغام الناس على قبولها، وهو الرأي الذي تتفق معه نظرة علماء القانون الدولي في الأساس الذي تبني الدول عليه علاقاتها بعضها ببعض، وهو الرأي الذي يرى ابن تيمية فيه أنه هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار. هذا كلام صاحب المقال.
ويفهم من فحواه أنه يحوم حول الاعتراض على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى أصحابه -رضوان الله عليهم أجمعين- في اتخاذهم القوة لجهاد الكفار على الإسلام، ولا سيما في قوله: فليس مما يشرف الدعوة ... إلى آخر العبارة، فإنه يكاد أن يكون صريحًا في الاعتراض؛ ولهذا سوى بين اتخاذهم القوة لإعلاء كلمة الله تعالى وبين اتخاذ غيرهم القوة لإعلاء باطلهم وكلمتهم؛ فالكل في ظاهر كلامه على حد سواء، وهذا ينبئ عن خبث طوية وعقيدة سيئة، وقد تقدم له غير ذلك مما نبهت عليه في أول الفصل.
وأما ما نسبه إلى شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى فالظاهر والله أعلم أنه مكذوب على الشيخ، وليس صاحب المقال هو الذي