المسلمين، ولقال المغيرة: أمرنا أن نقاتلكم حتى تنتهوا عن اعتدائكم على المسلمين، وقد صرح المغيرة - رضي الله عنه - أن قتالهم للمشركين بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صادر عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم بذلك.
وتقدم أيضًا ما فعله سلمان الفارسي - رضي الله عنه - لما حاصروا قصرًا من قصور فارس؛ فإنه دعاهم إلى الإسلام، ثم إلى بذل الجزية، فلما لم يقبلوا قاتلهم بمن معه حتى فتحوا القصر، ولو كان الأمر كما يقول صاحب المقال لقال لهم سلمان - رضي الله عنه -: ندعوكم إلى المسالمة، وترك العدوان علينا، وأن تكفوا عن وضع العراقيل في طريق الدعاة.
وروى مالك في الموطأ بلاغًا أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى كتب إلى عامل من عماله: إنه بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث سرية يقول لهم: «اغزوا باسم الله في سبيل الله، تقاتلون من كفر بالله، لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا»، فقل ذلك لجيوشك وسراياك إن شاء الله، والسلام عليك.
فهذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين أمر جيوشه بقتال المشركين، وعلل قتالهم بما علل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كفرهم بالله تعالى، ولم يعلل بما علل به صاحب المقال وأشباهه من المتحذلقين.
والمقصود هاهنا أن قتال المشركين، واستباحة دمائهم وأموالهم من أجل شركهم بالله تعالى أمر مجمع عليه، وصادر عن أمر الله تعالى وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما لا يخفى على من له أدنى علم وفهم عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -،