وهذه الآية تبطل ما زعمه صاحب المقال من أن الإسلام لا يجيز قتل الإنسان وإهدار دمه وماله لمجرد أنه لا يدين به، وما زعمه أيضًا من أن الإسلام لا يجيز مطلقا أن يتخذ المسلمون القوة من سبل الدعوة إلى دينهم، وقد أبانت هذه الآية وغيرها من الآيات والأحاديث كذبه على الإسلام، وقوله على الله بغير علم، ولولا اتخاذ المسلمين للقوة لما استطاعوا قتل أعداء الله، وإثخانهم، وأخذهم أسرى.
ودلت الآية على مشروعية ابتداء الكفار بالقتال، إذا كانوا ممن بلغتهم الدعوة الإسلامية فلم يقبلوها.
ودلت أيضًا بظاهرها على أنه لا فرق بين الكفار المعتدين وغير المعتدين؛ لأن العلة الموجبة لقتالهم هو ما هم عليه من الكفر بالله تعالى، وذلك مما يستوي فيه المعتدون وغيرهم.
وقد قيل في قوله: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}: إن ذلك منسوخ بآية السيف، وقيل: ليس بمنسوخ، فأما ضرب رقاب المشركين وإثخانهم، وأخذهم أسرى فهذا من المحكم الموافق لآية السيف، والله أعلم.
والآيات في الرد على صاحب المقال كثيرة ليس هذا موضع استقصائها، وفيما ذكرنا ههنا كفاية لمن وفقه الله تعالى وأراد هدايته، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}.