إذا عرف هذا، فللكنز معنيان؛ لغوي، وشرعي.
فأما معناه في اللغة، فقال الإمام أبو جعفر ابن جرير رحمه الله تعالى: الكنز كل شيء مجموع بعضه على بعض، سواء كان في بطن الأرض أم على ظهرها.
قال النووي رحمه الله تعالى: وزاد صاحب العين وغيره: وكان مخزونًا.
قلت: وكذا قال الراغب الأصفهاني: الكنز جعل المال بعضه على بعض وحفظه، وأصله من كنزت التمر في الوعاء. انتهى.
واقتصر الجوهري وغيره من أئمة اللغة على تعريف الكنز بأنه المال المدفون.
والصحيح ما قاله غيرهم؛ لأن الله تعالى أطلق اسم الكنز على المدفون وعلى غير المدفون؛ قال تعالى: {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا} [الكهف: 82] فهذا في المدفون، وقال تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ} [هود: 12]، وفي الآية الأخرى: {أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ} [الفرقان: 8] فهذا في غير المدفون، وقال تعالى فيما جمع بعضه على بعض: {وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص: 76].
وأما معناه في الشرع، فقال الإمام مالك في موطئه: عن عبد الله بن دينار قال: سمعت عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وهو يسأل عن الكنز، ما هو؟