وفي الصحيحين، والموطأ، ومسند الإمام أحمد، والسنن إلا الترمذي، عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني اشتكي، فقال: «طوفي من وراء الناس وأنت راكبة» فطفت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ بالطور وكتاب مسطور.
وفي رواية للبخاري والنسائي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت الصلاة فطوفي على بعيرك من وراء الناس».
ففي هذه الأحاديث بيان ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التيسير على أمته.
فمن ذلك أنه ترك الأعرابي الجاهل يتم بوله في المسجد، ونهى أصحابه أن يزرموه بأن يقطعوا عليه بوله، وأمرهم أن يصبوا على بوله ذنوبًا من ماء، ثم دعا الأعرابي فعلمه برفق وقال له: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن» أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. رواه مسلم من حديث أنس - رضي الله عنه -.
وعند ابن ماجة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فقال الأعرابي بعد أن فقه: فقام إليَّ بأبي وأمي فلم يؤنب ولم يسب فقال: «إن هذا المسجد لا يبال فيه، وإنما بني لذكر الله وللصلاة ...» الحديث، وهذا بعكس ما يفعله كثير من الجهال في هذه الأزمان مع متبعي السنة، فإنهم إذا رأوا أحدًا منهم يدخل المسجد في نعليه كان أهون ما يفعلون معه أن يعنفوه ويوبخوه على فعله، ولا يردهم عنه كونه ينظر في نعليه قبل أن يدخل المسجد ويمسح ما فيهما من الأذى والقذر، وهذا في الحقيقة إنكار للسنة، ورد على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما