لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم. قال: وإنما معنى هذه الرواية -والله أعلم- أن فعلها في البيت جائز لآحاد الناس إذا كانت تقام في المساجد، فيكون فعلها في المسجد فرض كفاية على هذه الرواية، وعلى الأخرى فرض عين.
قال: ويدل على ذلك جواز الجمع بين الصلاتين للأمطار، ولو كان الواجب فعل الجماعة فقط دون الفعل في المسجد لما جاز الجمع لذلك؛ لأن أكثر الناس قادرون على الجماعة في البيوت، فإن الإنسان غالبًا لا يخلو أن تكون عنده زوجة أو ولد أو غلام أو صديق أو نحوهم، فيمكنه الصلاة جماعة فلا يجوز ترك الشرط -وهو الوقت- من أجل السنة، فلما جاز الجمع علم أن الجماعة في المساجد فرض إما على الكفاية وإما على الأعيان.
هكذا ساق ابن القيم رحمه الله تعالى كلام أبي البركات في كتاب (الصلاة)، ثم قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة، فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر، وبهذا تتفق جميع الأحاديث والآثار، ولما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبلغ أهل مكة موته خطبهم سهيل بن عمرو، وكان عتاب بن أسيد عامله على مكة قد توارى خوفًا من أهل مكة، فأخرجه سهيل وثبت أهل مكة على الإسلام، فخطبهم بعد ذلك عتاب وقال: يا أهل مكة، والله لا يبلغني أن