فصل
ومما يفعله كثير من الجهال أنهم لا يفصلون بين صلاة الفريضة وصلاة النافلة بالفصل المأمور به شرعًا، بل يصل أحدهم سلام الفريضة بالإحرام بالنافلة، وقد رأيت كثيرًا من أهل الآفاق يفعلون ذلك في المسجد الحرام أيام الموسم، يقومون في مواضعهم من حين يسلمون من الفريضة فيحرمون بالنافلة من غير فصل بينها وبين الفريضة، وما رأيت أحدًا ينكر ذلك عليهم وينهاهم عن مخالفة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد روى مسلم في صحيحه، وأبو داود في سننه، عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار، أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد -ابن أخت نمر- يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة، فقال: نعم، صليت معه الجمعة في المقصورة، فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إليَّ فقال: لا تعد لما فعلت، إذا صليت الجمعة فلا تصليها بصلاة حتى تكلم أو تخرج، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أمرنا بذلك ألا نوصل صلاة حتى نتكلم أو نخرج».
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: السنة أن يفصل بين الفرض والنفل في الجمعة وغيرها، وفي هذا من الحكمة التمييز بين الفرض وغير الفرض، كما يميز بين العبادة وغير العبادة. انتهى.