أولئك من أن ابن عباس -رضي الله عنهما- شرع في النافلة قبل شروع المؤذن في الإقامة.
ومنها: ما رواه الإمام مالك في موطئه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سمع قوم الإقامة فقاموا يصلون، فخرج عليهم رسول الله فقال: «أصلاتان معًا، أصلاتان معًا؟!» وذلك في صلاة الصبح، في الركعتين اللتين قبل الصبح.
ومنها: ما رواه الطبراني في معجمه الصغير، عن أبي موسى - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأي رجلاً صلى ركعتي الغداة حين أخذ المؤذن يقيم، فغمز النبي - صلى الله عليه وسلم - منكبيه وقال: «ألا كان هذا قبل ذا؟!».
فهذه الأحاديث صريحة في أن المنع إنما هو عن إنشاء النافلة بعد شروع المؤذن في الإقامة، فأما الاستمرار فيما شرع فيه قبل ذلك وإتمامه مع التخفيف فمستفاد من عموم قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}.
وأيضًا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - اقتصر على الإنكار على من رآه يصلي بعد الإقامة، ولم يأمره بقطع ما شرع فيه، ولو كان القطع واجبًا لأمره به، فدل على أن من شرع في النافلة قبل الشروع في الإقامة أولى أن يستمر فيها ولا يقطعها، والله أعلم.