وما لابد منه من الحوائج، وأكثر الأحاديث على الرخصة؛ يعني فيما ذكر.
وقال النووي: اتفق العلماء على كراهة الحديث بعدها، إلا ما كان في خير.
وقال في رياض الصالحين: باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة، والمراد به الحديث الذي يكون مباحًا في غير هذا الوقت وفعله وتركه سواء، فأما الحديث المحرم أو المكروه في غير هذا الوقت فهو في هذا الوقت أشد تحريمًا وكراهة، وأما الحديث في الخير كمذاكرة العلم، وحكايات الصالحين، ومكارم الأخلاق، والحديث مع الضيف، ومع طالب حاجة ونحو ذلك، فلا كراهة فيه بل هو مستحب، وكذا الحديث لعذر وعارض لا كراهة فيه. انتهى.
إذا تقرر هذا فينبغي أن يراعى في السمر الجائز ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله هو وأصحابه رضي الله عنهم، فإنهم لم يكونوا يتخذون السمر عادة مستمرة كما يفعله أهل الغفلة والبطالة وأهل الجشع والحرص على جمع المال، وإنما كانوا يسمرون في الحين بعد الحين بقدر الحاجة اللازمة، ولم يكونوا يسمرون سمرًا طويلاً يفوت عليه بسببه شيء من قيام الليل؛ فضلاً أن يضيعوا صلاة الصبح ويؤخروها إلى أن ترتفع الشمس كما يفعله كثير من السمار في هذه الأزمان، فالله المستعان.
ومما لا ريب في تحريمه سمر كثير من الناس على الأمور المحرمة، فبعضهم على الوقيعة في المسلمين بالبهتان والغيبة، والسب والسخرية والاستهزاء، وما في معنى ذلك من انتهاك الأعراض المحرمة ظلمًا وعدوانًا.