غيا، يسيل دمًا وقيحًا، فهو لمن خلق له، قال تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}.
وقال كعب الأحبار: والله إني لأجد صفة المنافقين في كتاب الله عز وجل؛ شرّابين للقهوات -يعني الخمور- ترّاكين للصلوات، لعابين بالكعبات، رقّادين عن العتمات، مفرّطين في الغدوات، ترّاكين للجماعات، ثم تلا هذه الآية {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}.
ومن الوعيد الشديد للمتهاونين بالصلاة قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ}.
قال أبو السعادات ابن الأثير: السهو في الشيء تركه عن غير علم، والسهو عنه تركه مع العلم، ومنه قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}. انتهى.
ولهذا قال عطاء بن دينار: الحمد لله الذي قال: {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} ولم يقل: في صلاتهم ساهون.
وتقرير كلامه رحمه الله تعالى: إن السهو عن الصلاة هو إضاعتها مع العلم، وذلك مما يؤاخذ به العبد؛ لقوله تعالى: {وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5].
وأما السهو في الصلاة فإنما يصدر عن غير علم وقصد، وذلك معفو عنه؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَاتُمْ بِهِ} [الأحزاب: 5]، ولقوله: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَانَا} [البقرة: 286].
وثبت في صحيح مسلم، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -