وقال أبو الخطاب في (عيون المسائل): ومن جملة السحر المحرم السعي بين الناس بالنميمة والإفساد بينهم، وذلك شائع وعام في الناس.
قال في الفروع: لأنه يقصد أذى الناس بكلامه وعمله على وجه المكر والحيلة، فأشبه السحر، ولهذا يعلم بالعادة والعرف أنه يؤثر وينتج ما يعمله السحر وأكثر منه، فيعطى حكمه تسوية بين المتماثلين أو المتقاربين، لكن يقال: إن الساحر إنما كفر بوصف السحر، وهو أمر خاص ودليله خاص، وهذا ليس بساحر، وإنما يؤثر عمله تأثير السحر ويعطى حكمه، إلا فيما اختص به من الكفر وعدم قبول التوبة. انتهى ملخصًا.
إذا عرف هذا، فالنميمة من الكبائر؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبرين فقال: «إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة». متفق عليه.
وفي رواية للبخاري: «وما يعذبان في كبير» ثم قال: «بلى».
وفي أخرى له: «وما يعذبان في كبيرة وإنه لكبير» وذكر تمام الحديث.
وقد حكى الإجماع على تحريم النميمة كثير من الأئمة، وورد الوعيد الشديد للنمام، قال الله تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} إلى قوله تعالى: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} [القلم: 10،11 - 16].
وفي الصحيحين وغيرهما عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يدخل الجنة قتات».