لجهلهم بتحريم ذلك، وأنه من الإيمان بالطاغوت والكفر بما أنزل الله على محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وكثيرًا ما يتفق المنجمون على حدوث أمر مستقبل، فيفضحهم الله ويبطل قولهم، ويجعل الأمر بعكس ما زعموه، ليعلم الجاهلون بحالهم أنهم كذبة متخرصون {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [النجم: 23].
وقد حدثني بعض قضاة المدينة النبوية أن المنجمين في الهند أجمعوا على أنه في يوم كذا من شهر كذا في سنة كذا يكون في المدينة ريح عاصف، وظلمة وصواعق، ومطر عظيم، وبرد كثير، فصدقهم الجهال بهذا الباطل وارتقبوا وقوع ذلك، فلما جاء اليوم الموعود كان الأمر فيه بعكس قول أعداء الله تعالى، فكانت الريح ساكنة لا تحرك شيئًا، وكان الجو صافيا جدًا ولم يكن غيم، ولا شيء مما زعموا وقوعه.
قلت: وكذب المنجمين بنحو هذا كثيرا جدًا، وكله من التحكم على الغيب، والتعاطي لما استأثر الله به، قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن: 26]، وقال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ} [لقمان: 34]، وما أحسن ما قيل:
إني بأحكام النجوم مكذّب ... ولمدّعيها لائمٌ ومؤنبُ
الغيب يعلمه المهيمن وحده ... وعن الخلائق أجمعين مغيّبُ