وأما قوله: «ولا صفر» اختلف في تأويله.
قال البخاري رحمه الله تعالى: هو داء يأخذ البطن.
وروى أبو داود في سننه، عن محمد بن راشد قال: سمعنا من يقول: هو وجع يأخذ في البطن، فكانوا يقولون هو يعدي، فقال: «لا صفر».
وروى أيضا عن عطاء قال: يقول ناس: الصفر وجع يأخذ في البطن.
وروى مسلم في صحيحه، عن أبي الزبير أن جابرًا - رضي الله عنه - فسّر لهم قوله: «ولا صفر» فقال أبو الزبير: الصفر البطن، فقيل لجابر: كيف؟ قال: كان يقال: دواب البطن.
وذكر أبو عبيدة، وأبو عبيد، عن رؤبة بن العجاج قال: هي حية تكون في البطن تصيب الماشية والناس، وهي أعدى من الجرب عند العرب.
قال أبو عبيد: فأبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها تعدي.
وصحح النووي رحمه الله تعالى هذا التأويل، قال: وبه قال مطرف، وابن وهب، وابن حبيب، وأبو عبيد، وخلائق من العلماء.
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: وممن قال هذا من العلماء ابن عيينة، والإمام أحمد، وغيرهما، قال: ولكن لو كان كذلك لكان هذا داخلا في قوله: «لا عدوى» وقد يقال: هو من باب عطف الخاص على العام، وخصه بالذكر لاشتهاره عندهم بالعدوى.
وقالت طائفة: بل المراد به شهر صفر، ثم اختلفوا في تفسيره علي قولين:
أحدهما: أن المراد نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء، فكانوا