ولأحمد أيضا، وابن ماجة، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو ذلك.
وكذا عن أبي بكرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه الإمام أحمد.
وقد ذكر العلماء في معنى هذه الأحاديث أقوالا كثيرة؛ ومن أحسنها ما قاله الخطابي رحمه الله تعالى: إن معناها: من عمل عملًا على غير إخلاص، وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه، جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه، ويظهر ما كان يبطنه.
وقيل: من قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس، ولم يرد به وجه الله، فإن الله يجعله حديثا عند الناس الذين أراد نيل المنزلة عندهم، ولا ثواب له في الآخرة.
وقيل: معنى «سمع الله به»: شهره، أو ملأ أسماع الناس بسوء الثناء عليه في الدنيا، أو في يوم القيامة؛ بما ينطوي عليه من خبث السريرة. انتهى.
وحاصل هذه الأقوال الثلاثة يرجع إلى شيء واحد؛ وهو شهر المرائي وفضيحته عند الناس؛ بإظهار سريرته لهم، وما كان يقصده بعمله من طلب المحمدة والتعظيم والإكرام منهم، كما جاء في الحديث: «ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه الله ردائها، إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرا فشر» رواه الطبراني من حديث جندب بن سفيان البجلي - رضي الله عنه -.
وقد روى الإمام أحمد، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من سمَّع الناس بعمله سمَّع الله به مسامع خلقه وصغَّره وحقَّره».