وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدع، وأطلقوا عقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جُهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلين.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وهذه الخطبة تلقاها الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقد ذكرها محمد بن وضاح في أول كتابه في الحوادث والبدع فقال: حدثنا أسد، حدثنا رجل يقال له يوسف ثقة، عن أبي عبد الله الواسطي، رفعه إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: الحمد لله الذي امتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بكتاب الله أهل العمى، كم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وتائه ضال قد هدوه، بذلوا دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، وما نسيهم ربك وما كان ربك نسيًا، جعل قصصهم هدى، وأخبر عن حسن مقالاتهم، فلا تقصر عنهم فإنهم في منزلة رفيعة، وإن أصابتهم الوضيعة.
وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين».
وقد رُوي هذا الحديث من طرق متعددة، عن جماعة من الصحابة؛ منهم علي، ومعاذ، وابن عمر، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن مسعود،
وأبو أمامة الباهلي، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم.