وقاتلهم أخلاط؛ منهم المسلم والكافر، والزنديق والمنافق، وعسكر لا يقيم الصلاة، ولا يؤدي الزكاة، ولا يحرم ما حرم الله ورسوله من الخمر والزنا واللواط، وأكل أموال الناس بالباطل، والقتال لطاعة الرؤساء ولو في معصية الله تعالى، بهذا كله كان علماؤهم وأمراؤهم، في حالة تشبه حال مسلمي الصدر الأول في مقاومة المشركين؛ الذين يدعون غير الله، ويجعلون لله أندادًا كالذين جاهدهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي مقارعة تاركي الصلاة ومانعي الزكاة كالذين قاتلهم أبو بكر الخليفة الأول - رضي الله عنه -، وفي مجالدة البغاة كالذين قاتلهم الخليفة الرابع علي - رضي الله عنه -، وفي مجادلة المبتدعين من الروافض والجهمية كالذين ناضلهم الإمام أحمد وإخوانه أئمة السنة بالحجة، فأعادوا نشأة الإسلام العملية سيرتها الأولى في الصدر الأول؛ من ولاية وبراءة، وهجرة وجهاد بالسيف والسنان وبالحجة والبرهان، على حين صارت النصوص الخاصة بهذه الأحوال منسية أو كالمنسية عند غيرهم من شعوب الإسلام ودوله؛ لا يتعلق بها عمل من الأعمال، ولا حكم من الأحكام.
وقال أيضا في مقدمة (مجموعة الحديث النجدية): وقد كان مما استعمل الله به الشيخ محمد بن عبد الوهاب -مجدد الدين في نجد وما حولها- أن أحيا مدارسة السنة النبوية فيها؛ للاهتداء بها، لا لمجرد التبرك بألفاظها، ولا لأجل الاستقلال فيها دون ما كتب المحدثون والفقهاء في شرحها والاستنباط منها، بل نرى مَن هداهم الله تعالى بدعوته، وأنقذهم من الجاهلية التي عادت إلى أكثر أهل جزيرة العرب، ما زالوا يحبون كتب فقه شيخ السنة الأكبر الإمام أحمد - رضي الله عنه - مع خيار كتب التفسير والحديث