غربه الاسلام (صفحة 515)

فقد ظهر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في وقت كان حال أهله شرًا من حال المشركين وأهل الكتاب في زمن البعثة؛ من شرك وخرافات وبدع وضلالات وجهالة غالبة، فدعا إلى عبادة الله وحده، والرجوع إلى أصل الإسلام الذي كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم، فعاداه في بلاده الأكثرون، ووالاه فيها الأقلون، فنصر الله تعالى أولياءه من أمراء آل سعود وأتباعهم على أعدائهم، ثم تصدى لعداوتهم الترك وأعوانهم فكانت الحرب سجالا بينهم، وعاقب الله السعوديين زمنا بما كان من تخاذل بينهم، وتقصير في إقامة بعض سنن الله في دولتهم، ثم كانت العاقبة الحسنى لهم عندما تابوا من ذنبهم ورجعوا إلى وحدتهم واعتبروا بقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30]، وقوله في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما ظهر عليهم المشركون في غزوة أحد: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165]، وقوله: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46].

امتحن الله النجديين بتصدي الترك لعداوتهم، وتأليب العرب وشرفاء الحجاز والمصريين عليهم؛ لئلا يعيدوا ملك العرب وسلطانهم الذي سلبوه منهم، فحاربوهم باسم الإسلام، ونشروا الكتب والفتاوى في رميهم بالكفر والابتداع، وقد اغتر كثيرون بما فعلوه باسم الإسلام، وشايعهم عليه أفراد وجماعات هم دون الخوارج الذين خرجوا على الإمام أمير المؤمنين الخليفة الرابع للرسول - صلى الله عليه وسلم - وكفَّروه وتبرؤوا منه، ودون الذين بغوا عليه وحاربوه مع معاوية، نعم هم دونهم علما بالدين وعملا به، بل كفَّرهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015