بخلاف ذلك؛ ولهذا وصف ألسنتهم بغاية الحلاوة فقال في هذا الحديث «ألسنتهم أحلى من السكر»، وقال في حديث ابن عمر: «ألسنتهم أحلى من العسل»، وشبّه قلوبهم بقلوب الذئاب لما انطوت عليه من مزيد الخبث والغدر والفجور، ووصفها بغاية المرارة والنتن، فقال في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: «وقلوبهم أمر من الصبر»، وقال في حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: «وقلوبهم أنتن من الجيف»، ومثل ذلك ما في الحديث الطويل عن حذيفة - رضي الله عنه -، ووصفهم في الحديث الآخر عن معاذ بأنهم إخوان العلانية أعداء السريرة، ونحو ذلك في حديث سلمان - رضي الله عنه -، وما أكثر هذا الضرب الرديء في هذه الأزمان، فالله المستعان.
وقوله: «فبي حلفت لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا» قال النووي: قال أهل اللغة: أصل الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان والاختبار، قال القاضي: ثم صارت في عرف الكلام لكل أمر كشفه الاختبار عن سوء، قال أبو زيد: فتن الرجل يفتن فتونا إذا وقع في الفتنة وتحول من حال حسنة إلى سيئة. انتهى، قال الحافظ ابن حجر: وتطلق الفتنة على الكفر والغلو في التأويل البعيد، وعلى الفضيحة والبلية والعذاب والقتال والتحول من الحسن إلى القبيح والميل إلى الشيء والإعجاب، وتكون في الخير والشر كقوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35]. انتهى.
والمراد بما في هذا الحديث: الفتنة في الشر؛ لقوله: «تدع الحليم