حزناً شديداً، وخاف من الله خوفاً كثيراً، فأنزل الله هذه الآية.
فقالت قريش: ندم محمد - عليه السلام - على ما ذكر من منزلة آلهتنا عند
الله، فازدادوا شراً على ما كانوا، ثم من المفسرين من أنكر هذا أصلاً.
وقالوا: النبي معصوم من أن يجري على لسانه ما هو كفر، فقال بعضهم:
الحديث ليس بمتصل الإسناد. وقال بعضهم: هذا من الأخبار الآحاد التي
لا توجب علما، وقال بعضهم: معنى (تَمَنَّى) حدث نفسه، (أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) ، فتقول: لو سألت الله أن يعطيك كذا ليتسع المسلمون
ويعلم الله أن الصلاح في غير ذلك فيبطل ما يلقي الشيطان، والمعروف في
اللغة: أن معنى تمنى حدث نفسه، وقال بعضهم: (تَمَنَّى) تلا، ومنه
قول الشاعر:
تمنَّى كتابَ اللهِ أوّل ليلهِ. . . تمنِّيَ داودَ الزبورَ على رِسْلِ
فذهب بعضهم إلى أن المعنى: ألقى الشيطان في تلاوته، وهو
ناعى، هذا قول قتادة.
وقيل: (ألقى الشيطان) بقراءة الشيطان رافعاً
صوته، فظن السامعون أنه من قراءة النبي - عليه السلام -.
الغريب: ابن عيسى، تلاهُ منافق من شياطن الإنس، فخيل إلى
الناس أنه من تلاوة النبي - عليه السلام -.
العجيب: كان قرآناً فنسخ، والمعنى: تلك الغرانيق العلى بزعمكم
أيها المشركون.
وقيل: تم الكلام على قوله (ومناة الثاثة الأخرى) ، ثم
قال: تلك الغرانيق العلى، يعني الملائكة، منها الشفاعة ترتجى، فإن
الغرانيق والغرانقة جمع غرنوق وغرناق، وهو الحسن، وقيل: جمع غرنيق
وهو الطير العظيم.
قال الشيخ الإمام: ويحتمل - والله أعلم - أن الاستفهام
مضمر، والتقدير تلك الغرانيق العلى بزعمكم، أمنها الشفاعة ترتجى،