فيه أقوال: أحدها: أن "من الجنة" حال من الوسواس، والمراد ذي
الوسواس ثم وصفه بالخناس، ثم بالذي يوسوس في صدور الناس، ثم
قال: (مِنَ الْجِنَّةِ) ، أي كائنا من الجنة، وذو الحال الوسواس أو الضمير الذي
يوسوس، ثم عطف الناس على الوسواس، أي من شر الوسواس والناس.
الثاني: الْجِنَّةِ متعلق وحال من الناس في قوله: (صدور النَّاسِ) أي
كائنين من الْجِنَّةِ وجعل من الجنة ناسا كما جعل منهم رجالا في قوله
(برجالٍ من الجنِّ) ثم عطفه على الْجِنَّةِ، فقال: (والناسِ) ، أي
في صدور الناس جنيهم وإنسيهم، وعلى هذا يجوز أن يكون من الْجِنَّةِ
والناس متصلاً بالناس الأولى في قوله (برب الناسِ) ، وهذا وجه ثالث.
الرابع: (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)
بدل من شر الوسواس، أي من شر الْجِنَّةِ
والناس. الخامس: (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) متعلق بالوسواس، أي الوسواس
الواقع من الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ.
السابع: الذي مبتدأ، خبره من الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ
أي، الذي يوسوس يكون من الْجِنَّةِ ويكون من الناس.
الثامن: من شر الوسواس الذي يوسوسه في صدور الناس، والتقدير، من شر الوسواس الواقع من الْجِنَّةِ الذي يوسوسه في صدور الناس، فحذف العائد، وجاز تذكير الْجِنَّةِ لأنه بمعنى الجِنِّ، ويكون عطفاً على الوسواس كالوجه الأول. - والله أعلم -.
انتهى الجزء الثاني من كتاب غرائب التفسير وعجائب التأويل.
وكان الفراغ من نسخة في يوم السادس والعشرين من شهر شوال سنة
إحدى وستين وسبعمائة.