عاشوا وهم يجدون طعم النوم في رؤوسهم وأعينهم كما يجد النائم إذا
استيقظ من نومه، فعند ذلك يقولون: (يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا) .
فيناديهم المنادي: (هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) .
سؤال: لِمَ قال هنا: يرسل بلفظ المستقبل.
وفي الفرقان: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ) بلفظ الماضي.
وفي الروم: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ) بلفظ المستقبل.
وفي الملائكة: (أَرْسَلَ الرِّيَاحَ) بالماضي.
الجواب: لأن ما قبلهما في الأعراف: (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا) .
والخوف والطمع يقعان في الاستقبال، فكان يرسل بلفظ المستقبل أشبه بما
قبله، وأما في الفرقان، فما قبلها (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ)
الآية، وقوله: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) ، فجاء بما يليق بما قبله من لفظ
الماضي، وأما في الروم، فقد تقدم قوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ) .
وقوله: (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ)
فكان لفظ المستقبل أشبه به، وأما في الملائكة فمبني على أول السورة، وهو قوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا) :
وهما بمعني الماضي لا غير، فلذلك بنى عليه أرسل ليكون الكل على ما يقتضي اللفظ الذي خص به.