والأول أظهر، ويجوز أن يكون "كم" في محل نصب بفعل مضمر بعد "كم"
تقديره، وكم من قرية أهلكناها أهلكناها، أو فجاءها فجاءها، ولا يجوز أن
تقدر قبل "كم" لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.
الجمهور على أنه حال.
قال الفراء: الأصل، أو وهم قائلون، فحذف الواو، وأنكره الزجاج، وقال: العائد من الجملة قام مقام الواو فلمْ يحتج إليه.
وأنا أذكر فصلاً يكون حَكَماً بين الشيخين:
اعلم أن الحال إذا كانت جملة من مبتدأ وخبر، فالغالب عليها
الواو، فإن كان في الجملة عائد يعود إلى ذي الحال، حسن الحذف وحسن
الإثبات، فإن كان مبتدأ الجملة ضمير ذي الحال لم يكن بد من الواو، نحو:
جاءني زيد وهو ضاحك، وضربت عمرا وهو قائم، لو قلت: جاءني زيد هو ضاحك وضربت عمراً هو قائم لم يصح، ثم نرجع إلى الآية فننظر أن العائد من قوله سبحانه (أَوْ هُمْ قَائِلُونَ) كيف هو، فنظرنا والعائد إلى ذي الحال هو مبتدأ الجملة التي وقعت حالًا، لأن تقدير الآية، وكم من أهل قرية أهلكناهم فجاءهم بأسنا بياتاً أو هم قائلون، فصح أن الفراء أصاب وعذره من حذف الواو والاستقبال من الجمع بين "أو" و "الواو".
الغريب: أن قوله: (أَوْ هُمْ قَائِلُونَ) ليس بحال بل التقدير فيه فجاءها
بأسنا بياتاً أو حين هم قائلون، ولا بد من هذا التقدير، لأن المفسرين عن
آخرهم فسروا بياتاً ليلا، فيكون (أَوْ هُمْ قَائِلُونَ) نهارا وقت القيلولة، فصار
بمنزلة قولك حيث زيداً حين هو قائم، ولا يمتنع الحال أيضاً بأن يحمل قوله
بياتاً على بائتين، فكأنه قال: فجاءهم بأسنا بائتين أو هم قائلون.