) والموصل (قال في اللباب بفتح الميم وسكون الواو وكسر الصاد المهملة وفي آخرها لام مدينة من الرابع من الجزيرة وهي على دجلة في جانبها الغربي انتهى. وفي جانبها الشرقي نينوى بكسر النون كطيطوى وهي المدينة التي أرسل إلى أهلها يونس عليه السلام وفيها مرقده الشريف. والقول بأنه عليه السلام إنما أرسل إلى أهل أربل مما لا يعول عليه أصلاً اللهم إلا أن يقال أن نينوى كانت بلدة واسعة جداً وكانت أرض أربل قطعة منها وكون ما بينهما مسيرة نحو يومين لا يضيق جوابه بعد فرض السعة بل زعم بعضهم فيها أنها سعة تسع أربل وكركوك والله تعالى الخبير. ومدنها نينوى ابن بالوس من ملوك آثور سنة ألف وثلاث وسبعين بعد الطوفان. وطول الموصل على ما في الأطوال) سز (وعرضها) لزل (وفي المقاصد العوالي أن عرضها) لدل (وطولها) عزما (ولعله الأقرب للتحقيق. وفاتحها في زمن الفاروق رضي الله تعالى عنه قيل عياض بن غنم الأشعري وقيل خالد بن الوليد فتحها عنوة رضي الله تعالى عنه.) وأهلها (على ما في التعريبات الشافعية لبعض المعاصرين المصريين خمسة وثلاثون ألفاً وقيل سبعون ألفاً ما بين أتراك وأكراد وعرب. وسميت بالموصل على ما هو المشهور لأن نوحاً عليه السلام سبر الماء هنالك وهو في السفينة فوصل المسبار الأرض. وفي المراصد سميت بذلك لأنها وصلت بين الجزيرة والفرات وقيل وصلت بين دجلة والفرات وقيل لأنها وصلت بين بلد والحديثة وقيل أن الملك الذي أحدثها كان يسمى الموصل انتهى. ولا أجزم بشيء مما ذكر والله تعالى أعلم) وقريب (من الموصل المعمورة اليوم محل يسمى أسكي موصل يعنون الموصل القديمة وهذا ظاهر في أن المعمورة حديثة) وفي معجم البلدان (ما يدل على أن تلك القديمة هي حديثة الموصل ونقله عنه علامة عصره وفهامة مصره الفاضل السري الملا أمين العمري في كتابه منهل الأولياء ومورد الأصفياء وصححه من عدة أقوال وعليه فوصفها بالقديمة لعله لخرابها اليوم واشتهر بين خواص المعمورة أنها تسلطت في وقت عليها الجن فلم يستطع أهلها الإقامة فيها فتحولوا إلى مكان قريب منها وعمروا فيها مساكن لهم وسموه بحديثة الموصل ثم انتقلوا في أيام الشيخ أبي الفتح الموصلي قدس سره إلى بلدتهم الأولى حيث انقطع عنها ببركة الشيخ المذكور قدس سره ما عراها من الجن فخرب ما أحدثوه في ذلك المكان من المساكن انتهى. ولم يخطر لي أني رأيت ذلك في كتاب ومن ينكر تسليط الجن وتمكين الله تعالى إياهم من مثل ما يحكى يقول في ذلك هو حديث خرافة ومن ينكر الجن رأساً والعياذ بالله تعالى فحاله في مثل هذه الحكاية غير خفي عليك. والأقرب أن يقال لعلهم تركوا مكانهم في وقت من الأوقات لمزعجات الليالي فحوادثها جمة وأحدثوا ما سمعت ثم نامت عنهم عيون الحوادث فاستيقظت عين محبة الوطن فحنوا إليه حنين الشارف إلى العطن فرجعوا إليه وانتقلوا عما كانوا عولوا عليه فخلا من السكان فخربته أيدي الحدثان) وهي عذبة (الماء طيبة التربة والهواء طعامها هني وشرابها مري واسطة البلاد وسرتها ووجهها الصبيح وغرتها تلد الربيع في السنة مرتين فهي بين البلاد أم الربيعين فأراضيها في فصلين قد علا جنسها وتجرد عن عوارض الكدر أنسها وهي كالعرائس في حليها وزخارفها والقيان في وشيها ومطارفها باسطة زرابيبها وأنماطها ناشرة حبرها ورياطها:
كأن نسيم الريح في جنباتها ... نسيم حبيب أو لقاء مؤمل
لا عيب فيها سوى أنها أيام الربيع تسرق العمائم الخضر من السادة فتنشرها على سطوح دورها وتبيع وتقول لا بأس على أم الربيعين لو سرقت عمائم أبناء الريحانتين) ولعمري (أن من اختبر وامتحن حكم بأن كل روضة بالنسبة إلى رياضها خضراء الدمن وأنها تنبت العلماء المحققين كما تنبت الأقحوان والنسرين وتخرج الأخيار كما تخرج الأزهار وهذا أظهر من الشمس وأقوى من الأمس فلا حاجة إلى التطويل بإقامة الدليل:
وليس يصح في الأعيان شيء ... متى احتاج النهار إلى دليل