هو الصبر والتسليم لله والرضى ... إذا دهمتنا خطة لإنشاءها
فتركت الله تعالى الخليفة فيهم وسرت مع صحبي والله سبحانه وتعالى أعلم بما تضمنه قلبي:
هواي ورائي والمسير خلافه ... فوجهي إلى بلخٍ وقلبي إلى الكرخ
وشيعني أحبه وقد اغرورقت منهم بالدمع عيون المحبة وآخرون قد خنقتهم حبال الغبرة وحرقتهم من خيال البين جمره حتى إذا ودعتهم ولله تعالى أودعتهم انفصمت منهم عرى الأجفان فجادت عزاليها بوابل هتان فسرت وإنسان عيني بالدمع غريق وبين حنايا ضلوعي من نيران الفراق حريق واعترتني دهشة وأضل طائر عقلي عشه فلم أدر أيمنة أضرب أم شامة ونجداً أقصد أم تهامة فلما اعتم الليل واعتم الجو بشملة الويل بت بليلة أنقد أرعى السهر والفرقد حتى إذا ذاب كحل الدجى بدمع فجره وآب أسير الضياء طليقاً من قيد أسره رأيت حولي ولدي عبد الباقي جعله الله تعالى راقياً أعلى المراقي فعقلت في الجملة نفسي وعلقت يدي بأذيال ما فارقني من حسي فسألته عن مذهبه وأمره الذي جاء به فأخبرني أنه لم يطق فراقي وأنه معي إلى انتهاء أيام سفري إن شاء الله تعالى باقي فحسنت له الرجوع إلى أمه والهجوع من أخيه وعمه فلم يكن يعقل ويعي وأبى إلا البقاء معي وحدست أن أمه سهلت عليه سلوك الفجاج وأرسلته ليكون رقيباً علي يمنعني مما عسى أن أهم به من الزواج فقدم حقوقها على حقوقي وقدم على تحمل مشاق السفر العقوقي فأذنت له بالبقاء لعلي أداوي به علل الأحزان وقلت لنفسي لا تيأسي فما شاء الله تعالى كان على أن وإن كنت في حب النكاح مشهوراً قد جعل الله تعالى اليوم بيني وبين ذلك إحجاباً مشتوراً حيث أجدني قد صرت مما عناني عنيناً وأظنك بعد أن ترني لو كشف لك الغطاء لم تزدد يقيناً فما أولاني في هذه الأوقات بقول عبد الرحيم قاضي هرات.
قالوا تزوج بأرض مرو ... تعش أخاً غبطة وخير
فقلت أحسنتم ولكن ... بأي مالٍ وأي أير
ولو رجعت إلى الجد لكنت من قبل الحرى بقول العلامة جار الله الزمخشري:
تزوجت لم أعلم وأخطأت لم أصب ... فيا ليتني قد مت قبل التزوج
فوالله ما أبكي على ساكني الثرى ... ولكنني أبكي على المتزوج
وعلى العلات بقي في معيتي وشغل بخدمته خدمتي عن خدمتي) ثم (إنا لم نزل نفري بطون الوهاد ونلطم وجه الصحصحان بأيدي الجياد حتى ارتضع صبي العين در الأنس من ثدي) أم الربيعين (فنزلنا عند جسرها حتى دعانا وردة زهرها ذو الذهن العبقري محمود أفندي العمري إلى بيته روضة الآداب وغيل ليوث أبناءه) أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه (وهذا الفاضل فيلسوفي الفكر قد غاص غواص ذهنه في بحار الحقائق فاستخرج الدرر وله اطلاع على العلوم الغريبة وله بواسطتها سهام أخبار لهدف الصدق مصيبة قد جعل الفتوحات المكية ثاني قرآنه وزين بفصوص الحكم خواتم زمانه واستغنى بالتنزلات الموصلية عن الترفعات الدنيوية ومطالعة الكبريت الأحمر عن قدح زناد الفكر في تحصيل الذهب الأصفر يحب الشيخ الأكبر أكثر من نفسه وولده ولا كذلك أغلب خواص علماء بلده وله عقل يعقل به الفلك الدوار إن شاء ولا يغلبه في ميدان خصام أحد إلا القضاء ولقد شاع في علم الطب فضله حيث غدا تذكرة لصاحب القانون وحوى مالاً يسع الطبيب جهله) وبالجملة (قد غمس يد فكره في كل فن ولم يحد عن صوب الصواب كل ما خطر له وعن طالما ينادم خرائد الأفكار وراء أستار الخلوة وقلما يشافه غواني الأسرار على أرائك الجلوة وما ذلك إلا لكونه بالأفق الأعلى من الحكمة وبمقعد صدق من علو الهمة ولقد صحبته كثيراً في بلدتي وشفيت بمعجون ياقوت حكمه علتي:
وكانت بالعراق لنا ليالٍ ... سرقناهن من أيدي الزمان
جعلناهن من تاريخ الليالي ... وعنوان المسرّة والأمان