غرائب الاغتراب (صفحة 215)

جواب مستقل مبني على اعتبار كون كسبت معطوفاً على آمنت. ثم اعتبار دخول النفي حتى يكون النفي داخلاً على المردد فيفيد عموماً له نحو قوله تعالى) ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً (نعم قيل عليه أن فيه بناءً على ما لا يصح إذ لو عطف كسبت على آمنت واعتبر عموم النفي لما ذكر اشتراط عدم النفع بالخلو عن كسب الخير في الإيمان ضرورة أنه إذا انتفى الإيمان قبل ذلك اليوم انتفى كسب الخير فيه قطعاً. وفي المثل) أثبت العرش. ثم النقش (فلا بد أن يقال الكلام في تقدير أو لم تكن كسبت في إيمانها خيراً. فالترديد بين النفيين والكلام محمول على نفي العموم لا على عموم النفي فيفيد أن الإيمان مع انتفاء كل من الوصفين لا ينفع. وذلك قول من يعتبر. فالآية معه وهو كلام متين إلا أن فيه غفلة عن كلام المصنف. فإنه إنما يتجه إذا حمل الكلام على أن المقصود به هو ما يستفاد من ظاهر لفظه من بيان اشتراط عدم النفع بالخلو عنهما. وأما إذا حمل على ما أشار إليه المصنف من أن المقصود بيان اشتراط النفع بأحد الأمرين فلا. إذ يكون الكلام حينئذ كما لو قيل الإيمان ينفع صاحبه إذا كان على أحد الوصفين كونه مكسوباً فيه الخير. وكونه مقدماً على ذلك اليوم وإن كان مجرداً.) واعترض (هذا بأنه يلزم عليه أن يكون ذكر كون الإيمان المكسوب فيه الخير نافعاً لغواً لأنه بعد ما ذكر أن الإيمان المجرد نافع يعلم نفع الإيمان المكسوب فيه الخير بالطريق الأولى) وأجيب (بأن جهات النفع مختلفة. وقد دلت الأخبار على أن نفع الإيمان المجرد في عدم الخلود في النار والخروج منها ولو بعد أحقاب ونفع الإيمان المكسوب فيه الخير في رفع الدرجات. ونيل الأماني العاليات. فلا يعلم هذا النفع من ذلك النفع بالطريق الأولى. ثم وجه دلالة الآية على المقصود الذي أشار إليه المصنف أنه لما حملت على عموم النفي أفادت أن انتفاء الأمرين جميعاً مانع عن نفع الإيمان. ومعلوم أن ارتفاع المانع يشترط لوجود المعلول فلزم أن يكون وجود أحد الأمرين شرطاً لنفع الإيمان ضرورة أن ارتفاع المانع المذكور يحصل بوجود واحد منهما) ومن الناس (من أجاب عن حديث اللغوية السابق وإن حمل الكلام على ظاهره. بان في ذكر كسب الخير إشارة إلى تفويت نفعين لمن لم يؤمن نفع نفس الإيمان ونفع كسب الخير فيه.) وتعقب (بأنه لا يدفع تفويته بالنظر إلى اشتراط عدم النفع بالخلو عنه وهل نحن إلا بصدده.) ومنهم (من أجاب أنه يجوز أن لا يكون عند الحكم بعدم النفع استلزام أحد الانتفائين الآخر ملحوظاً حتى يكون مغنياً عنه فيلغو ذكره معه وهو كما ترى.) والثالث (ما أشار إليه بقوله والعطف على ما لم تكن أي وللمعتبر صرف قوله تعالى كسبت. عن أن يكون معطوفاً على آمنت مطلقاً إلى عطفه على لم تكن فيكون صفة نفساً مثله لكن بعد جعل أو بمعنى الواو وحمل الإيمان في قوله سبحانه) لا ينفع نفساً إيمانها (على الإيمان الحادث ذلك اليوم وكذا في قوله تعالى) في إيمانها خيراً (وكأنه إنما لم يقل أو كسبت فيه خيراً أي في إيمانها الحادث. بل جيء بالظاهر بدل الضمير لئلا يتوهم ولو على بعدٍ عود الضمير على الإيمان المفهوم من آمنت على حد) اعدلوا هو أقرب للتقوى (. وتفهم الآية على هذا للوجه أنه لا ينفع يوم إتيان بعض الآيات الإيمان الحادث فيه نفساً صفتها لم تكن آمنت قبل ذلك وصفتها أنها كسبت في إيمانها الحادث ذلك اليوم خيراً. وحاصل ذلك أنه لا ينفع ذلك نفساً إيمانها الذي أحدثته ولا يفيد كسب الخير فيه. فقوله بمعنى لا ينفع نفساً إيمانها الذي أحدثته حينئذ وإن كسبت فيه خيراً. بيان لحاصل المعنى ومآله. فإن في ةإن كسبت فيه خيراً بكسر الهمزة وصلية. وفي بعض النسخ المصححة. وإن بفتح الهمزة أي لا ينفع نفساً إيمانها الذي أحدثته حينئذ وكسبها فيه خيراً وهو أوضح إشارة إلى أن أو بمعنى الواو) ومحصل (هذا الجواب أنه لا تعرض في الآية إذا كان العطف على لم تكن لحكم الإيمان السابق على ذلك اليوم مجرداً كان أو مكسوباً فيه الخير. بل ربما يدعي أنها تشعر بأن حكمه مطلقاً النفع. فالآية إن لم تكن لنا فلا أقل من أنها ليست علينا. وقد تفطن بعض المحققين لوجهٍ آخر في الآية لطيف. فقال إنها مشتملة على ما سمي في علم البلاغة باللف التقديري. كأنه قيل لا ينفع نفساً إيمانها ولا كسبها في إيمانها خيراً لم تكن آمنت من قبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015